نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 188
عبثيون
سرنا إلى الجناح الرابع في فندق
الملاحدة، وقد كتب على بابه قوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ
أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾
[المؤمنون: 115]
سألت المرشد عن الآية، وعلاقتها بهذا
الجناح، فقال: هذا جناح العبثيين..
قلت: العبثيون .. عجبا .. هل هناك
مدرسة إلحادية تحمل هذا الاسم؟
قال: أجل.. فكل الملاحدة عبثيون..
قلت: فلم كانوا كذلك؟
قال: لأنه لا توجد وراء الكون
والحياة ـ عندهم ـ إرادة حكيمة تحدد مساره، وتضبط حركته، وتقيد وجهته.. لذلك فإنه
عندهم جسد بلا روح، وحس بلا معنى.. هو كون ميت، وحياة مفعمة بالأسى، لأنه لا غاية
لها، ولا مستقبل.
قلت: لقد ذكرني حديثك هذا بقول قاله
[شوبنهاور] فيلسوف التشاؤم المعروف.. فقد قال: (حياة الإنسان كلها ليست إلا نضالا
مستميتا من أجل البقاء على قيد الحياة مع يقينه الكامل بأنه سيهزم في النهاية)..
وقال: (ينبغي أن ندمر في داخلنا، وبكل الأشكال الممكنة، إرادة الحياة، أو الرغبة
في الحياة، أو حب الحياة).. وقال: (يُقال أن السماء تحاسبنا بعد الموت على ما
فعلنا في الحياة الدنيا.. وأنا أظن أنه بإمكاننا أن نحاسبها أولًا عن المزحة
الثقيلة للوجود الذي فُرض علينا من دون أن نعلم لماذا؟ وإلى أي هدف؟)
ومثله قال عالم الأعصاب، والمحلل النفسي
النمساوي (فكتور فرنكل): (للكثير من الناس اليوم وسائل للحياة، غير أنهم يفتقدون معنى
يعيشون لأجله)
قال: كل ملحد يقول هذا.. لكن منهم
من يصرح به.. ومنهم من يكذب على نفسه وعلى الناس ليفر منه، فالإلحاد لا يلد إلا العبث،
والعبث لا يلد إلا التشاؤم والاكتئاب.
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 188