نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 290
ولهذا عندما شببت عن الطوق، ورأيت بعيني
كيف كان الأطباء يطبقون تعليمات الفلاسفة بكل دقة تحولت إلى صخرة صماء، لا عاطفة
فيها، ولا قلب لها.
أذكر جيدا أني حضرت مجلسا لعالم لألماني مشبع
بالفلسفة المادية .. كان يضع الطفل التوأم وشقيقه في حجرتين منفصلتين، ويجرى على
أحدهما تجارب ليرى مدى تأثر الآخر، فيُعرض أحدهما للتسخين أو التبريد أو التعذيب
أو الموت..
وقلت: لقد أصبح سهلا على الإنسان في هذا
العالم المادي إغراؤه بأن ما يرغب فيه قرارٌ حرٌّ نابعٌ من داخله، لكنه في الحقيقة
ليس كذلك، بل هو أسير لمئات الإعلانات التي ولَّدت لديه قراراته.. ماذا لو تم
إجماع الأغلبية على إبادة الأقلية؟.. ماذا لو أجمعت الشعوب الأوربية على استعمار
الدول الفقيرة ونهب ثرواتها؟.. أليس هذا قراراً ديموقراطيًا نابع عن إرادة الشعب؟
ضرب بمطرقته على بعض الصخور،
ثم قال: أذكر جيدا أن مؤسسة الإبادة في الدولة
النازية كانت تُسمى [مؤسسة تدعيم القومية الألمانية].. ومن خلال هذه المؤسسة المادية
ذات الكفاءة المثالية كان يتم عمل خط التجميع للمساجين، ويتم اعطاؤهم أرقاماً ثم
فرزهم ثم إدخالهم أفران الغاز، ليحترقوا بمنتهى الكفاءة والمثالية..
كان الفرز يتم بمنتهى الكفاءة، فمَن هو
صالح للاستخدام يتم إيداعه في المصانع العملاقة للإنتاج الضخم بأقل من الكفاف،
وغير الصالح للاستخدام يدخل أفران الغاز بمنتهى الحيادية، ولا يستطيع باحثٌ بعيداً
عن المعايير الاخلاقية أن ينكر مدى التقدم الرهيب الذي أحرزته الفترة النازية في
كافة العلوم، وكم الإنتاج منقطع النظير الذي زوّد النازي بالسلاح والذخيرة والطعام
أثناء الحرب الطويلة.
وعندما دخل الألمان شبه جزيرة القرم
وجدوا اليهود القراءين، فتم تشكيل لجنة بمنتهى الحيادية لمعرفة مدى جدوى استخدامهم
أم حرقهم فتبين أنهم أكفاء وبالتالي تم
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 290