responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 107

ومن أهم تلك الجوانب التي أفادتني كثيرا، بل أنقذتني من الإلحاد والسفسطة كما ذكرت لكم أسلوبه الجديد الذي وضعه للوصول إلى المعرفة، وخاصة المعرفة الإلهية.. حيث كان السائد في العصور السابقة، وخاصة في الفلسفة اليونانية أن معرفة الله لا تكون إلا عن طريق الكون.. ثم بعدها يسمو الإنسان بفكره إلى أن يصل إلى وجود الله.

لكن ديكارت خالف هذه النظرة، وطرح فكرة بديلة، وهي الوصول إلى الله تعالى أولا، ثم الوصول إلى كونه.. أي أنه فعل مثلما فعل فلاسفة برهان الصديقين من الدعوة إلى أن تبدأ المعرفة من الأعلى والأشرف إلى الأدنى.. أو كما أشار إلى ذلك وبعده قوله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: 53]

فقد أشارت الآية الكريمة إلى كل أنواع البراهين: سواء تلك التي يبدأ فيها الباحث من الأدنى إلى الأعلى عبر البحث في الآفاق والأنفس.. أو عبر البدء من الأعلى إلى الأدنى، وهو شهادة الله على الكائنات، أو للكائنات.. أي أنه هو الشاهد على وجودها، فلولا وجوده ما كان وجودها.

طبعا لم يكن ديكارت وحده صاحب هذا التوجه في الفلسفة الأوروبية، وإنما كان ممثلا لسلسلة من أصحاب التوجه التأملي العرفاني الذي بدأ بالقديس أوغسطين، وانتهى به.. مثله مثل هذا التوجه عند المسلمين، والذي اختلف فيه أصحاب التوجه العرفاني الصوفي عن التوجه العقلي الفلسفي.. وإن اتفق الجميع على الله.. ولم تختلف إلا مسالكهم في الوصول إليه.

وهكذا عندما كنت في أوروبا في ذلك الزمان كان هناك تياران كلاهما يحاول أن يواجه الإلحاد كل بأسلوبه الخاص:

أما التيار الأول، فتمثل في التوجه الأكويني المنتسب لـ [توماس الأكويني] الذي بنى

نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست