نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 117
قلت الله، فإني
أفهم منه جوهراً أزلياًّ غير متناهٍ، ولا قابلٍ للتغير، عليماً، قديراً، أوجدني وسائر
الأشياء على تقدير ثبوتها.. فمن أين يأتيني هذا المفهوم؟.. ومن حيث أنه معنى من
المعاني، يلزم أن يوضح منشأه؟.. وهب أني لكوني جوهراً، أتصور في نفسي جوهراً غيري،
ولكني جوهرٌ متناهٍ؛ فكيف أتصور جوهراً غير متناهٍ؟.. ألا يكفي هذا للدلالة على
وجود الله؟
وكان يقول ـ
مخاطبا علماء الرياضيات والهندسة [1] ـ : من الحقائق ما هو ضروريٌّ أزلي، وتلك
الحقائق لا تخرج من أن تكون حقاًّ، ولو لم يوجد شيءٌ من الأشياء، التي تعمل فيها، مثلاً
إن زوايا المثلث مساوية لقائمتين، فلا تحتاج هذه الحقيقة في أن تكون حقاًّ، إلى
تحقق أي مثلث في الواقع، ولا تحتاج أيضاً إلى وجود الذهن الإنساني ليعلمها، فهي
حقٌّ، ولو لم يوجد إنسان في الدنيا، وإذا لم يكن لها أي توقف على العالم، ولا على
الروح الإنسانية، لزم أن تكون مربوطة بوجود آخر.
وكان يقول
مخاطبا لهم: إن وجود الله يقيني، أكثر من يقينية الدعاوى الهندسية، والقوانين
الرياضية، لأن تلك الدعاوى، وتلك القوانين التي لا تحتاج في كونها حقاًّ، ثابتةٌ
إلى وجود ما تنطبق عليه من الكائنات في العالم، ولا في أذهان من يتصورونها من
علماء البشر الرياضيين.
وكانوا يقول
مخاطبا الذين لم يستسيغوا رفض التسلسل، ولم تقنعهم البراهين المرتبطة بذلك: أنتم
لستم في حاجة للبرهنة على بطلان التسلسل، فبقاء الكون على ما عليه دليل على الله..
ذلك أن حفظ الجوهر، وإبقاءه، عينُ خلقه.. فمن خلقني سابقاً، هو الذي يبقيني حالاً؛
مع أني لا يمكنني إن لم أسنده إلى من يملك جميع الكمالات، وأجد مفهومه في ذهني، أن
أسنده لا إليّ، ولا إلى والديّ، ولا إلى أيّ علة أخرى.
[1] هذا الاستدلال في إثبات وجود الله للفيلسوف
بوسسوئه، وهو يشبه ما يطرحه ديكارت..
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 117