نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 311
ذلك أننا نجد
تحت تصرفنا مجموعة كبيرة من ملكات الإحساس الداخلى.. فنحن نملك القدرة على الإحساس
لا بالبياض وبحلاوة الطعم فحسب، بل على إدراك الفارق بينهما، فالعين تدرك البياض،
ولا تدرك الحلاوة.. واللسان يدرك الحلاوة، ولا يدرك البياض.. فلا اللسان، ولا
العين يستطيعان التمييز بين البياض والحلاوة، لأن أيا منهما لا يدرك الاثنين معا.
وهكذا نرى الفرق
بين ارتفاع الصوت، وارتفاع الحرارة.. ذلك لأن أى ملكة قادرة على مقارنة شيئين لا
بد لها من أن تعرفهما كليهما.. وما من حاسة خارجية تستطيع أن تؤدى هذه المهمة تبعا
لذلك.. وهذا يقتضي أن تكون فينا حاسة داخلية تستطيع أن تدرك جميع الصفات التى
تدركها الحواس الخارجية، وأن تميز بينهما.
***
بعد أن انهارت
لبنة أخرى من لبنات أفكاري المادية حول العقل والوعي.. رحت أستنجد بصديق آخر كان
أكثر ذكاء منه، لكني لم أكن معه إلا كالمستجير من الرمضاء بالنار، فقد قابل إلحاحي
الشديد في أن نسرع بإيجاد حل قبل أن يعود الإيمان بالله من جديد مستغلا هذه الثغرة
الخطيرة، ثغرة العقل، ببرودة قائلا: ليس الأمر قاصرا على ذلك فقط.. الأمر أخطر من
أن تتصور.. فنحن لا نملك تلك الأدوات فقط.. والتي لا يمكن تفسيرها تفسيرا ماديا،
وإنما نملك أيضا القدرة على أن نستدعى أمورا لم تعد حاضرة.
قلت: ما تعني
بذلك؟
قال: من عمليات
العقل الكبرى التي لا يمكن تفسيرها تفسيرا ماديا بالإضافة إلى ما سبق عملية التذكر..
ففي الإدراكات السابقة يكون الشىء حاضرا بالفعل.. ولكن الشىء الذى نتذكره ليس كذلك..
إذ أن إدراكنا الحسى الأصلى قد زال على نحو ما، ولكنه مع ذلك بقي تحت تصرفنا..
فالذاكرة لا تستحضر التجربة الماضية فحسب، بل تستحضرها بوصفها
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 311