نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 324
ثم
أضاف معقبا بطريقته التمثيلية التي كانت تجذبني بشدة في ذلك الوقت: إنه الصورة
المكبرة عن تلك التي يكونها الطفل عن أبيه في طفولته كمصدر للحب والحماية
والرعاية، فالتدين وثيق الصلة بالحاجة الدائمة للإنسان الطفل للحماية والمساعدة.
وكان
يقول لي بعدها كل حين :(إن التحليل النفسي يمثل المرحلة الأخيرة من الثورة العلمية
التي مازالت تعري للبشرية هذاءاتها المتمثلة في الدين)
وكان
يقول لي ـ وهو يفسر نزعة التدين ـ:(إن هذه الاعتقادات التي تعرض في الدروس الدينية
لا تنبع من الخبرات البشرية المتراكمة، وليست هي نتاجا للتفكير المستقيم إنما هي
نوع من الهذاءات؛ بل هي إشباع لأقدم وأقوى وأشد رغبات الجنس البشري إلحاحا..إن
الإحساس بالتهديد والخوف والشعور بعدم الأمان لدى طفل لا يقدر على مواجهة ظروف
الحياة أيقظ لديــــه الحاجة إلى الحماية والحب في الوقت نفسه، وهو الأمر الذي
يتولاه الأب عادة.. ثم إن عجز الإنسان البدائي
على مواجهة قوى الطبيعة وقلة حيلتة جعلته في حاجة إلى حماية دائمة من هذه الأخطار التي
تتهدد حياته فتعلق بـ (أب) أكبر في هذه المرة، إنه الله.. لقد وجدت مشاعر القلق
التي تنتاب الإنسان أمام عجزه على مواجهة أخطار الحياة هذه حلها في الدين في ظل
الحماية الإلهية والتعاليم السماوية التي سنت القوانين الأخلاقية التي تنتظم
العالم وتلبي حاجة الإنسان إلى العدل الأخروي الذي قلما تحقق في عالم الناس، وما
يتبع ذلك من الإيمان بالحساب والإيمان بحياة أخرى هي في الحقيقة امتداد لحياة قلما
استطاع الإنسان أن يشبع فيها كل رغباته)
هذا
موقفه من الدين، وتفسيره له، وعندما سألته عن تفسيره للعواطف والمشاعر التي أعيشها
كإنسان، قال لي: كل هذه الأشياء ليست إلا تعبيرا عن الدوافع الغريزيّة لدى
الإنسان..
وعندما
سألته عن الدين، قال لي: الدين يستقي أصوله من رغبتنا إلى الرعاية السماوية التي
نتصورها في صورة الأب الحنون الذي يحل محل الأب الحقيقي، لأن هذا لا يلبث أن يخيب
آمالنا كلما شببنا عن الطوق، وبلغنا مبلغ الرجولة.
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 324