نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 412
قال ابن القيم
معبرا عن هذا المعنى: (والعبد إذا فعل القبيح المنهيّ عنه، كان قد فعل الشر والسوء، والرب سبحانه هو الذي
جعله فاعلًا لذلك. وهذا الجعل منه عدل وحكمة وصواب؛ فجَعْلُه فاعلًا خيرٌ،
والمفعول شر قبيح. فهو سبحانه بهذا الجعل قد وضع الشيء موضعه لما له في ذلك من
الحكمة البالغة التي يحمد عليها. فهو خير وحكمة ومصلحة وإن كان وقوعه من العبد
عيبًا ونقصًا وشرًا. وهذا أمر معقول في الشاهد، فإنّ الصانع الخبير إذا أخذ الخشبة
العوجاء والحجر المكسور واللبنة الناقصة فوضع ذلك في موضع يليق به ويناسبه كان ذلك
منه عدلًا وصوابًا يمدح به. وإن كان في المحل عوج ونقص وعيب يذم به المحل. ومن وضع
الخبائث في موضعها ومحلها اللائق بها، كان ذلك حكمة وعدلًا وصوابًا، وإنما السّفه
والظلم أن يضعها في غير موضعها)[1]
ومن الأمثلة على
ذلك أن الله تعالى يخلق خلقًا غير عاقل يفعل الشر، لكنّه شر من وجه لا من كل
الأوجه؛ فالزلازل والبراكين مثلًا هي نتاج لقوانين فيزيائية بثّها الله في الأرض،
وهي ليست شرًا في ذاتها، أولًا لأنّ الزلازل والبراكين قد تقع في منطقة ليس فيها
إنسان ولا حيوان، فلا يتضرر منها أحد، وثانيًا، لأنّ هذه الزلازل والبراكين من
أسباب تهيئة الأرض للعيش، فهي تنفّس عن الطاقة المخزونة في باطن الأرض، وتخرج
الكثير من الثروات المعدنية إلى سطح الأرض ليستفيد منها الإنسان، وغير ذلك مما
نعلم ومما لا نعلم. فالآثار السلبيّة لهذه الظواهر الكونيّة هي نتاج لهذا المخلوق
في ظروف معيّنة غير دائمة، فالشر وجه لها وليس فعلًا لله، وإن كان الله سبحانه
يريد من بعض هذه الظواهر ما يكرهه بعض خلقه لحكمة تربو على الشر الناتج عنها.
وبناء على هذا
دلّ الكتاب والسنّة على أن الشرّ لا يضاف إلى الله تعالى لا وصفًا ولا