نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 56
هو الشعور؛ فقد
أشك في وجود الأجسام، وقد أشك في وجود الله، وفي الحقائق الرياضية؛ لكن لا أشك
أصلاً في وجود شعوري، لأن شكي في وجود شعوري، شعورٌ أيضاً؛ والحال أن شعوري، أي
شكي معناه أني موجودٌ، فإن من لا يوجد، لا يشكُّ أيضاً؛ وبناءً عليه، فأنا مدرك، شاعرٌ،
موجودٌ، من حيثُ أني مدركٌ، إن لم أكن موجوداً بأي حيثية)
وبناء على هذا
لم يستعمل ديكارت الأدلة الطبيعية.. لا الدليل الكياني.. ولا دليل العلة الغائية..
الذي استعمله سائر الفلاسفة.. لأنه رأى أن وجودَ الكائنات المادية يحتاج أولا إلى
إثبات وجودها إلى وجود الله؛ والذي لا يحتاج في إثبات وجوده إلى وجود الله، إنما
هو وجود نفسه، فلا دور.. فوجود نفسه، المستفاد من إدراكه، هو الحقيقة الأولى
الثابتة، ثم يترتب عليه وجود الله، ثم يترتب عليه ثبوت وجود العالم.
ففلسفة ديكارت
بهذا تمتاز بكونه أثبت وجود الله، قبل إثبات وجود العالم المادي، واستدل عليه من
وجود نفسه الناطقة، ووجود شعوره، وتمتاز أيضاً بكونه بنى حقية وجود العالم على
صدوقية الله.
لعل كل ذلك..
وكل تلك المعاني السامية التي أشار إليها ديكارت متضمنة في قوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّ
السَّمَاءِ وَالأرض إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾
[الذاريات: 23]، فقد أخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن أحقية ربوبية الله
للكون بدليل شعوري نفسي وهو النطق.. فكما أن الإنسان يشعر بنطقه، ولا يجادله أحد
في وجوده، فإن ذلك الشعور لابد أن يكون أداته ووسيلته للوصول إلى الحق.
بناء على هذا،
راح ديكارت مثله مثل أنسلم والقديس أوغسطين وغيرهما من الفلاسفة والباحثين عن الله
يخاطبون زمر المشككين واللاأدريين والملاحدة بقوله: إذا قلت الله، فإني أفهم منه
جوهراً أزلياًّ غير متناهٍ، ولا قابلٍ للتغير، عليماً، قديراً، أوجدني وسائر
الأشياء على تقدير ثبوتها.. فمن أين يأتيني هذا المفهوم؟.. ومن حيث أنه معنى من
المعاني،
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 56