نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 154
بل ورد في
كثير من رواياتهم أن غضب يونس كان من الله.. والعجب أن الله يختار نبيا يغضب عليه،
وممن قال بذلك كما يروي أعلام السلفية سعيد بن أبي الحسن، فقد قال ـ يحكي عن سلفه
ـ: (بلغني أن يونس لما أصاب الذنب، انطلق مغاضبا لربه، واستزله الشيطان)
ومثله قال الشعبي
في قوله (إذ ذهب مغاضبا) قال: (مغاضبا لربه)
ومثله عن
سلمة، وزاد فيه: (فخرج يونس ينظر العذاب، فلم ير شيئا، قال: جربوا علي كذبا، فذهب
مغاضبا لربه حتى أتى البحر) [1]
بل رووا عن عن
وهب بن منبه، أنه قال: (إن يونس بن متى كان عبدا صالحا، وكان في خلقه ضيق، فلما
حملت عليه أثقال النبوة، ولها أثقال لا يحملها إلا قليل، تفسخ تحتها تفسخ الربع
تحت الحمل، فقذفها بين يديه، وخرج هاربا منها، يقول الله لنبيه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ
مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35] ﴿فَاصْبِرْ
لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ [القلم: 48]: أي لا تلق
أمري كما ألقاه) [2]
وقد علق
الطبري على هذه الروايات وغيرها بقوله: (وهذا القول، أعني قول من قال: ذهب عن قومه
مغاضبا لربه، أشبه بتأويل الآية، وذلك لدلالة قوله ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ
نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ [الأنبياء: 87] على ذلك، على أن الذين وجهوا تأويل ذلك
إلى أنه ذهب مغاضبا لقومه، إنما زعموا أنهم فعلوا ذلك استنكارا منهم أن يغاضب نبي
من الأنبياء ربه، واستعظاما له، وهم بقيلهم أنه ذهب مغاضبا لقومه قد دخلوا في أمر
أعظم ما أنكروا، وذلك أن الذين قالوا: ذهب مغاضبا لربه اختلفوا في سبب ذهابه كذلك،
فقال بعضهم: إنما فعل ما فعل من ذلك كراهة أن يكون بين قوم قد جربوا عليه الخلف
فيما وعدهم،