نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 162
قيل سببا لآثاره بمكة وإسكانه إياها
إسماعيل، وكان ربما دخل أمصار الشام)[1]
وهكذا تصور
الرواية إبراهيم (ع) منشغلا بماله بعد أن كثر لديه، وبعد أن
أعطى جزءا منه للوط (ع).
والخطر ليس
في هذا التقاعد الذي منحوه لإبراهيم (ع) فقط،
وإنما في ذلك المنهج الغريب الذي صوروه يدعو إلى الله به.. وهو الدعاء بالقمح
والشعير، فقد ذكروا في الرواية أن الناس كانوا يأتونه بعد أن اغتنى، فيسألونه
فيقول: من قال: لا إله إلا الله فليدخل فليأخذ، فمنهم من قال فاخذ، ومنهم من أبى
فرجع.. وكأن الدعوة إلى الله مختصرة في كلمة تقال، وليس في حياة تغير تغيرا تماما.
ومثل هذا
الاختزال أيضا لذلك المنهج الدعوي العظيم الذي مارسه إبراهيم السلام، والذي أمرنا
بالاقتداء به فيه، ذلك التفسير العجيب لقوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى
إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124]، وهي الآية الكريمة التي تشهد لإبراهيم (ع) بالوفاء بجميع ما تتطلبه الدعوة إلى الله من جهود،
كما شهد له قوله تعالى: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ [النجم:
37]
فقد اختصروا
الابتلاء بالكلمات التي تعني كل أنواع البلاء التي تعرض لها ابتداء بالنفي،
وانتهاء بالحرق، في هذا التفسير الذي يروونه عن أئمتهم.
فقد رووا عن
ابن عباس، أنه قال: (ابتلاه الله بالطهارة: خمس في الرأس، وخمس في الجسد. في
الرأس: قص الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الرأس. وفي الجسد: تقليم
الأظفار، وحلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وغسل أثر