وليته بعد
هذا اعتبر المسألة خلافية بناء على الدليل القرآني القوي[2]، والأدلة الأخرى من الأحاديث التي تؤكد هذا، والتي رويت من ثقاة الشيعة المعتبرين لديهم، بل فيها ما رواه المحدثون من السنة[3].. لكن العقل السلفي لا يقبل هذا، فهو يقبل فقط من سلفه من اليهود وتلاميذ اليهود، أما المحبين لعترة النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)،
فهم محرومون مطرودون لا يحق
لهم الحديث في الدين حتى في أبسط فروعه المسح على الرجلين.
[1] التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية (ص: 185)
[2] يذكر الشيعة أنه على كلا القراءتين فإن النص القرآني يدل على
المسح: أمّا قراءة الجر (وَأَرْجُلِكُمْ) وجه هذه القراءة واضح، لانّ الواو عاطفة،
تعطف الارجل على الرؤوس، الرؤوس ممسوحة فالارجل أيضاً ممسوحة (وَامْسَحُوا
بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ)، بناء على هذه القراءة تكون الواو عاطفة، والارجل
معطوفة على الرؤوس، وحينئذ تكون الاية دالّة على المسح بكلّ وضوح.
أمّا بناء على القراءة بالنصب
(وَأَرْجُلَكُمْ) الواو عاطفة، وأرجلكم معطوفة على محلّ الجار والمجرور، على محلّ
رؤوسكم، ومحلّ رؤوسكم منصوب، والعطف على المحل مذهب مشهور في علم النحو وموجود، ولا
خلاف في هذا على المشهور بين النحاة، وكما أنّ الرؤوس ممسوحة، فالارجل أيضاً تكون
ممسوحة.. فبناء على القراءتين المشهورتين تكون الاية دالّة على المسح دون الغسل.
[3] من ذلك ما ورد في الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: تخلف النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) عنا في سفرة سافرناها، فأدركنا
وقد أرهقنا العصر (أي أخرنا العصر) فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى
صوته: (ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا) رواه البخاري (163) ومسلم (241)
فمن هذا الحديث يظهر أنّ أصحاب
النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
لم يغسلوا أرجلهم في الوضوء، وإنّما مسحوا، لكنّهم لمّا مسحوا لم يمسحوا كلّ ظهر
القدم وبقيت الاعقاب لم يمسّها الماء، فاعترض عليهم رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، لأنهم لم يمسحوا كلّ ظهر
القدم، ولم يقل رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): لماذا لم تغسلوا؟
ولهذا قال ابن رشد تعقيبا على
الحديث: (هذا الاثر وإنْ كانت العادة قد جرت بالاحتجاج به في منع المسح، فهو أدلّ على
جوازه منه على منعه، وجواز المسح أيضاً مروي عن بعض الصحابة والتابعين. (بداية
المجتهد 1 / 16)
وقال صاحب المنار: هذا أصحّ
الاحاديث في المسألة، وقد يتجاذب الاستدلال به الطرفان أي القائلون بالمسح
والقائلون بالغسل (تفسير المنار 6 / 228)
نام کتاب : التراث السلفي تحت المجهر نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 155