ثم ذكر قول الصواف: (إن
ما جمعه في رسالته فهو مما تركه العلماء الأعلام والخلفاء العظام)[2]
وأجاب على
ذلك بقوله: (ليس هذا بصحيح، فإن
الخلفاء العظام على الحقيقة هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي،
ولم يؤثر عن أحد منهم أنه
تكلم في علم الفلك بشيء فضلا عن القول بسكون الشمس ودوران الأرض عليها، وكذلك ما ذكره الصواف من الهذيان الكثير في الأرض
والشمس والقمر والكواكب فإن هذا مما ينـزه عنه أحاد العقلاء فضلا عن الخلفاء
الراشدين.. ولا عبرة بمن حاد عن منهاج هؤلاء الخلفاء
الراشدين من الملوك كالمأمون،
فإنه قد اعتنى بتعريب كتب
الأوائل وعمل الأرصاد، ففتح بذلك على الأمة باب شر عريض، وقد ذكر السفاريني عن الصلاح الصفدي أنه قال: (حدثني من أثق به أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان يقول: ما أظن أن الله يغفل عن المأمون ولا بد أن يقابله على
ما اعتمده مع هذه الأمة من إدخال العلوم الفلسفية بين أهلها)[3]
ثم أخذ يذكر
بهستيرية ما فعله المأمون، وينقل لذلك ما ذكره سلفه من فتح أبواب
الضلال، بسبب ترجمة العلوم اليونانية، فقال ـ ناقلا عن الذهبي
في (تذكرة الحفاظ) ـ مؤيدا له:
(إن من البلاء أن تعرف ما
كنت تنكر، وتنكر ما كنت تعرف، وتقدم عقول الفلاسفة، ويعزل
منقول اتباع الرسل ويماري في القرآن ويتبرم بالسنن والآثار وتقع في الحيرة. فالفرار قبل حلول الدمار وإياك ومضلات الأهواء
ومحارات العقول، ومن