ولم يقف
الأمر عند حد تفسير القرآن الكريم بالخرافة، بل راح السلفية المتأخرون لا ليعتذروا
بمثل ما اعتذر به ابن خلدون، وإنما راحوا يقررون ما ذكر سلفهم من الحقائق، ويربطونها
بالقرآن الكريم، ليبنوا عليها أحكامهم التكفيرية.
ومن أمثلة
ذلك قول الشيخ ابن عثيمين عند
حديثه عن مسألة دوران الأرض، وتطويعه للنصوص المقدسة في سبيل إثبات ذلك: (.. لكن
الشيء الذي أرى أنه لا بد منه هو أن نعتقد أن الشمس هي التي تدور على الأرض، وهي
التي يكون بها اختلاف الليل والنهار، لأن الله تعالى أضاف الطلوع والغروب إلى
الشمس، فقال عز وجل: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ
كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ﴾
[الكهف: 17]، فهذه أربعة أفعال أضيفت كلها إلى الشمس إذا طلعت، وإذا غربت، تزاور،
تقرض، كلها أفعال أضيفت إلى الشمس، والأصل أن الفعل لا يضاف إلا إلى فاعله، أو من
قام به، أي من قام به هذا الفعل فلا يقال: مات زيدٌ، ويراد مات عمرو .. فإذا قال
الله (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ) ليس المعنى أن الأرض دارت حتى رأينا
الشمس لأنه لو كانت الأرض هي التي تدور، وطلوع الشمس يختلف باختلاف الدوران ما قيل:
إن الشمس طلعت، بل يقال نحن طلعنا على الشمس، أو الأرض طلعت على الشمس وكذلك قال
الله تبارك وتعالى في قصة سليمان ﴿إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ
ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ [ص: 32] أي الشمس، ولم يقل
حتى توارى عنها بالحجاب، وقال النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
لأبي ذر: أتدري أين تذهب هذه الشمس؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (تذهب تسجد تحت
العرش، فتستأذن، فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا