وهكذا يمضي
الألباني كما مضى قبله ابن تيمية في رد الحديث والتلاعب بتأويله ليصرف صرفا تاما
عن معناه الواضح الذي لا يحتاج إلى كل ذلك التكلف.
هذا موقفهم
من حديث التوسل الذي لا يرضيهم، فلذلك تلاعبوا به كما شاءت لهم أهواؤهم، في نفس
الوقت نجد حديثا آخر، يرتبط بحادثة خاصة، وموقف خاص، ولكن لكونه يرتبط بأهواء
سلفية، عمموه ولم يقولوا بتخصيصه، وأطلقوه ولم يقولوا بتقييده، بل لم يكتفوا
باعتباره من مسائل الفروع، وإنما حولوه إلا مسائل الأصول التي يرتبط بها الكفر
والإيمان.
والحديث هو
ما رواه أبو سعيد الخدري قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء
فسبه خالد فقال رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): (لا تسبوا أحدا من
أصحابي؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)[2]
ففي هذا
الحديث يقول k لخالد ـ الذي أسلم متأخرا، أي بعد الفتح ـ: (لا تسبوا
أصحابي)، يقصد عبد الرحمن بن عوف وأمثاله، لأن عبد الرحمن ونحوه هم السابقون
الأولون، وهم الذين أسلموا قبل الفتح وقاتلوا، وهم أهل بيعة الرضوان؛ والحديث
يقصدهم، لأن الرسول (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لم يقل لخالد: (أنت
من أصحابي فلا تسب أصحابي)
وهذا بظاهره
يدل على أن الصحبة خاصة بالسابقين الأولين ـ باعتبار عبد الرحمن بن عوف هو المراد
في الحديث بالنهي عن سبه، أو قد تعمم إلى كل من أسلم قبل الفتح، كما أشار إلى ذلك
قوله تعالى: { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ
وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ
وَقَاتَلُوا} [الحديد: 10]