بل إن ابن تيمية يذكر ما
يورده خصوم السلفية من قول بعضهم: (أنا مَنْ أهوى ومَنْ أهوى أنا) بقوله: (فهذا
إِنما أراد به الشاعر الاتحاد المعنوي، كاتحاد أحد المحبّين بالآخر، الذي يحب
أحدهما ما يحب الآخر، ويبغض ما يبغضه، ويقول مثل ما يقول، ويفعل مثل ما يفعل؛ وهذا
تشابه وتماثل، لا اتحاد العين بالعين، إِذا كان قد استغرق في محبوبه، حتى فني به
عن رؤية نفسه، كقول الآخر:غبتُ بكَ عنِّي فظننْتُ أنَّك أنِّي.. فهذه الموافقة
هي الاتحاد السائغ)[1]
وهكذا تولى ابن تيمية نفسه
الدفاع عن الصوفية في هذا رغم خصومته الشديدة لهم، ولكن السلفية ـ للأسف ـ لا
يقبلون من ابن تيمية هذا، بل يتمنون لو أنه لم يكتبه كما سنرى ذلك لاحقا.
3 ـ تهمة تعظيم الحضرة النبوية:
من العجائب التي وقع فيها
العقل والتراث السلفي هو ذلك الهجوم الشديد على تلك القلوب الطاهرة والأرواح
السامية الممتلئة حبا لنبيها k، والتي تمثل صدق نبوءة رسول الله k عندما قال: (من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي، يودُّ أحدهم لو رآني بأهله
وماله)[2]
وفي حديث آخر أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: (إن أشدَّ أمتي لي حبا قوم
يكونون أو يجيئون، وفي رواية - يخرجون بعدي- يود ّأحدهم أنه أعطى أهله وماله وأنه
رآني)[3]
وفي حديث آخر أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: (ليأتين على أحدكم زمان لأن
يراني أحبُّ إليه