ونبدأ تلك الفتاوى بفتوى
للشيخ محمد بن عبدالوهاب في تفسير قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: 4] فقد قال: (فمن
عرف تفسير هذه الآية، وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك
اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل
الجنة من دخلها، وسبب الجهل بها دخل النار من دخلها، فيالها من مسألة لو رحل الرجل
فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعني والإيمان بما صرح به
القرآن، مع قوله k: (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا)[1] من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي
اذا الكريم تجلي باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي
محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي
فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فليـتأمل من نصح نفسه هذه
الأبيات ومعناها، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعى أنه من العلماء واختاروا
تلاوتها على تلاوة القرآن.. هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق
بقوله: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ
لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [الانفطار: 19].. لا والله، لا والله لا
والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق، وأن فرعون صادق، وأن محمداً صادق على
الحق، وأن أبا جهل صادق على الحق. لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق
الغربان)[2]
ثم قال متأسفا على حال الأمة
التي أوقعتها هذه القصيدة في الشرك الجلي: (فمن عرف هذه المسألة، وعرف البردة ومن
فتن بها، عرف غربة الإسلام، وعرف أن العداوة، واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا،
ليس عند التكفير والقتال؛ بل هم الذين بدؤونا