يعتبر الشيعة
ـ وخصوصا الإمامية منهم ـ من أكبر المظاهر التي تظهر فيها العدوانية السلفية بقمة
عنفوانها وجلالها وشراستها، ذلك أنهم عند حديثهم عنهم يفقدون كل ما بقي لهم من عقل
وحكمة وبصيرة ليصبحوا كذلك الأسد الجريح الجائع إذا رأى فريسته السهلة.
ولذلك يمكن
لأي شخص أن يستفز من شاء منهم ليخرجه من طوره الإنساني إلى طوره البهيمي السبعي
بشيء بسيط جدا، وهو أن يذكر له بأن الشيعة طائفة من المسلمين، أو أن لهم بعض
الحسنات، أو أنه لا يصح تكفيرهم، أو أنهم لا يقولون بتحريف القرآن.. فيكفي هذا أو
بعضه ليتحول السلفي إلى وحش شرس، قد يقضي على نفسه، أو يقضي على أي شيء يقف
بجانبه.
وقد حصل لي
هذا كثيرا في حواراتي التي أحاول فيها التقريب بين المذاهب الإسلامية، وردم الهوة التي
حفرها الشيطان بينهم.. فكنت حينها ألحظ تلك الوجوه التي كانت تدعي الوحدة والتسامح
والسلام وتتحمس لها تتغير وتنقلب انقلابا تاما، وألحظ الألسن كيف ترغي وتزبد، وكيف
تطير معها العقول.. وكنت أشفق على محدثي أن تصيبه جلطة أو يرتفع ضغط دمه أو تصيبه
سكتة قلبية، فلذلك أسارع إلى تغيير الحديث خشية أن أتسبب في أي مكروه لأمثال هذه
العقول الصغيرة التي لا تطيق الحوار.
والسلفية
لذلك كله لا يكتفون بتكفيرهم فقط.. بل يضيفون إليه توابل كثيرة من الكذب عليهم
لتجعلهم شر أهل الملل، وأكفر أهل الأرض.. بل يصورون للعامة والخاصة أنه لم تقع
مصيبة في الأمة إلا كانوا خلفها والمدبرين لها.. ويجيشون لذلك ما تعودوا أن يجيشوه
من كلام سلفهم وخلفهم.