نام کتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 177
ومتعلقه،
فلنبحث عن الحقيقة ما هي، ولا حقيقة لها إلا أنها نوع إدراك هو كمال ومزيد كشف
بالاضافة إلى التخيل، فإنا نرى الصديق مثلاً ثم نغمض العين فتكون صورة الصديق
حاضرة في دماغنا على سبيل التخيل والتصور، ولكنا لو فتحنا البصر أدركنا تفرقته ولا
ترجع تلك التفرقة إلى إدراك صورة أخرى مخالفة لما كانت في الخيال بل الصورة
المبصرة مطابقة للمتخيلة من غير فرق وليس بينهما افتراق، إلا أن هذه الحالة
الثانية كالاستكمال لحالة التخيل، وكالكشف لها، فتحدث فيها صورة الصديق عند فتح
البصر حدوثاً أوضح وأتم وأكمل من الصورة الجارية في الخيال. والحادثة في البصر
بعينها تطابق بيان الصورة الحادثة في الخيال، فإذاً التخيل نوع إدراك على رتبة،
ووراءه رتبة أخرى هي أتم منه في الوضوح والكشف، بل هي كالتكميل له، فنسمي هذا
الاستكمال بالاضافة إلى الخيال رؤية وإبصاراً)[1]
وبناء على
هذا بين أن المراد برؤية الله تعالى عند المنزهة هي هذا النوع من الرؤية، قال:
(وكذا من الأشياء ما نعلمه ولا نتخيله وهو ذات الله سبحانه وتعالى وصفاته، وكل ما
لا صورة له، أي لا لون له ولا قدر مثل القدرة والعلم والعشق والإبصار والخيال؛ فإن
هذه أمور نعلمها ولا نتخيلها والعلم بها نوع إدراك فلننظر هل يحيل العقل أن يكون
لهذا الادراك مزيد استكمال نسبته إليه نسبة الإبصار إلى التخيل؛ فإن كان ذلك
ممكناً سمينا ذلك الكشف والاستكمال بالاضافة إلى العلم رؤية، كما سميناه بالاضافة
إلى التخيل رؤية. ومعلوم أن تقدير هذا الاستكمال في الاستيضاح والاستكشاف غير محال
في الموجودات المعلومة التي ليست متخيلة كالعلم والقدرة وغيرهما، وكذا في ذات الله
سبحانه وصفاته، بل نكاد ندرك ضرورة من الطبع أنه يتقاضى طلب مزيد استيضاح في ذات
الله وصفاته وفي ذوات هذه