نام کتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 355
واستعطافه..
فإذا قيل: إن علياً كان مجتهداً في ذلك، قيل: وعثمان كان مجتهداً فيما فعل، وأين
الاجتهاد في تخصيص بعض الناس بولاية أو إمارة أو مال، من الاجتهاد في سفك المسلمين
بعضهم دماء بعض، حتى ذل المؤمنين وعجزوا عن مقاومة الكفار، حتى طمعوا فيهم وفي
الاستيلاء عليهم؟ ولا ريب أنه لو لم يكن قتال، بل كان معاوية مقيماً على سياسة
رعيته،وعلي مقيماً على سياسة رعيته، لم يكن في ذلك من الشر أعظم مما حصل بالاقتتال،
فإنه بالاقتتال لم تزل هذه الفرقة ولم يجتمعوا على إمام، بل سفكت الدماء، وقويت
العداوة والبغضاء، وضعفت الطائفة التي كانت أقرب إلى الحق، وهي طائفة علي، وصاروا
يطلبون من الطائفة الأخرى من المسالمة ما كانت تطلبه ابتداء، ومعلوم أن الفعل الذي
تكون مصلحته راجحة على مفسدته، يحصل به من الخير أعظم مما يحصل بعدمه، وهنا لم
يحصل بالاقتتال مصلحة، بل كان ألامر مع عدم القتال خيراً وأصلح منه بعد التقال،
وكان علي وعسكره أكثر وأقوى، ومعاوية وأصحابه أقرب إلى موافقته ومسالمته ومصالحته،
فإذا كان مثل هذا الاجتهاد مغفوراً لصاحبه، فاجتهاد عثمان أن يكون مغفوراً أولى
وأحرى)[1]
ولم يكتف ابن
تيمية بهذه النصائح التي وجهها للإمام علي ومن معه من كبار الصحابة، والذين وردت
الأحاديث الكثيرة الدالة على فضلهم، وعلى فضل جهادهم في ذلك العصر بالذات.. بل راح
يدافع عن معاوية، وينتصر له، ويقول: (وأما معاوية وأعوانه فيقولون: إنما قاتلنا
علياً قتال دفع عن أنفسنا وبلادنا، فإنه بدأنا بالقتال فدفعناه بالقتال ولم نبتدئه
بذلك ولا اعتدينا عليه. فإذا قيل لهم: هو الإمام الذي كانت تجب طاعته عليكم
ومبايعته وأن لا تشقوا عصا المسلمين. قالوا ما نعلم أنه إمام تجب طاعته، لأن ذلك
عند الشيعة إنما يعلم بالنص، ولم يبلغنا عن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم نص بإمامته ووجوب طاعته. ولا ريب أن