وقد ورد في الحديث ما يفسر هذا المعنى،
وما يؤكد أن كل البشر أحياء من خرج منهم إلى الأرض، ومن لم يخرج، فقد قال a: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم، عليه
السلام، بنعمان ـ يعني عرفة ـ فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، ثم كلمهم قبلا قال: ﴿
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 172]، وغيرها من الأحاديث،
والتي لو طبقناها في هذا المجال لكان في ذلك عذرا لمن أراد الاعتذار.
بل أخبر aأن نبوته كانت متحققة قبل ولادته بأزمان
طويلة جدا، ففي الحديث الصحيح: (إني عند الله مكتوب: خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل
في طينته، وسأخبركم بأول أمري: دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت حين
وضعتني، وقد خرج لها نور أضاءت لها منه قصور الشام)[1] ، وفي رواية: (متى كتبت
نبيا؟) فقال a: (وآدم بين الروح والجسد)
ولهذا ورد في الروايات الكثيرة الواردة
لدى الأمة بمختلف طوائفها أن الأنبياء كانوا يتوسولون به a، ولم يكونوا ليتوسولوا بمعدوم.
ولهذا، فإن في إمكان السنة ـ إن أرادوا
تحويل عقيدتهم في المهدي إلى عقيدة فاعلة ـ أن يستشعروا هذا المعنى، ويعيشوه،
وسيرون تأثيرهم في حياتهم بمختلف جوانبهم.
وطبعا لا أقول هذا الكلام لأوليك
المتدينين تدينا ماديا، والذين لا يكادون يؤمنون
[1]
رواه أحمد، وقال: صحيح الإسناد، وصححه الألباني في شرح السنة -مشكاة المصابيح - (3
/251، 5759)