بقينا مدة
واقفين منتظرين إقامة الصلاة.. لكن لا الإمام ولا القيم ولا غيرهما أقدم على ذلك..
ولعلهم خشوا إن صلى الناس أن ينفضوا عنهم.. ولذلك راحوا يستغلون كل لحظة..
أخذ الإمام
مكبر الصوت، وقدم خطبة طويلة حول أحوال المسلمين وضعفهم وفقرهم وتعرضهم للإبادة في
جميع أنحاء الأرض، ثم وضح غرضه من تلك الخطبة الطويلة، وقال: بناء على هذا سنقوم
الآن بجمع تبرعاتكم لإنقاذ المسلمين.. فأنفقوا ما استطعتم.. وكلما كان أكثر كان
أفضل.
ثم أخذ يرتل
الآيات القرآنية المرتبطة بالإنفاق في الوقت الذي حمل فيه بعض المصلين أكياسا،
وراحوا يمرون بها على المصلين..
مددت يدي إلى
جيبي أبحث عن بعض المال الذي أخرج به المسلمين من المصائب التي يعيشون فيها، فلم
أجد إلا المبلغ الذي أريد تقديمه للسائق والمستشفى.. فأصابني حياء شديد.. وطأطأت
رأسي رجاء أن يمر من يجمع المال علي من دون أن يلتفت، لكن ذلك لم يحصل.. فقد كان
المكلف بجمع المال أكثر صلافة من الجميع.. بل كان أكثر غلظة وشدة من جامعي المكوس
والضرائب.. فقد مد يده إلي، وقال: يا رجل.. ضع ما عندك هنا.. ألا تريد أن تنقذ
المسلمين؟
قلت: أرجو
المعذرة.. لم أحضر معي أي مال.
نظر إلي
بغلظة، وقال: أنت تكذب.. وفي المسجد.. أنا أعلم أن في جيبك مالا، ولكنك بخيل.. ولا
تخاف الله.. وليس في قلبك رحمة.
التفت
للمصلين حولي، فوجدتهم جميعا يستعيذون مني ومن بخلي، بل إن الذي كان بجواري همس في
أذني قائلا: ألا تخاف الله.. كيف تلقى الله وأنت ترى ما نزل بالمسلمين من مصائب،
ومع ذلك لا تمد يدك إليهم بالمعونة؟