وقوله في
غيرهم من الذين لا يسمعون ولا يبصرون الحقائق الواضحة: ﴿أَمْ تَحْسَبُ
أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ
بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 44]، فقد اعتبرهم أضل من الأنعام.
ولذلك فإن
ذلك التشبيه الرمزي المتناسب مع واقع علماء الملاحدة الذين أبصروا التصميم العظيم
للكون، ومع ذلك غضوا أبصارهم عنه، وراحوا يشوهون الحقائق، ويصرفون الناس عنها، هو
[الخنزير البري] لكونه لا يهتم بأن يأكل ما يحتاج إليه من ثمار، وإنما يخرب الحقول
والمزارع.. فلا ينتفع هو، ولا ينتفع غيره، كما قال قال تعالى: ﴿ وَهُمْ
يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ
وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [الأنعام: 26].. كما يفعل الملاحدة تماما.
لكن الفرق
كبير بينهما، فالخنزير حيوان غير مكلف، ولا يحاسب على تصرفاته، بل هو يفعل ما
تمليه عليه طبيعته التي خلق عليها، ولذلك لا لوم عليه.. وفوق ذلك؛ فإن هذا الخنزير
عارف بربه مؤمن له مسبح بحمده، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا
يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء:
44]
وقد روي عن
الإمام زين العابدين أنه كان يقول: (ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة:
معرفتها بالرب تبارك وتعالى، ومعرفتها بالموت، ومعرفتها بالأنثى من الذكر،
ومعرفتها بالمرعى الخصب)[1]، بل ورد في الحديث الشريف النهي عن