نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 161
ولست أدري من
الذي فوضه بأن يقول هذا الكلام، وهو الذي يسيل لعابه لمتاع الدنيا القليل.. لكن
العقل التنويري المستكبر الذي حرم من ذلك الإيمان الذي ينعم به البسطاء والطيبون
يتصور أن بيده كل شيء، ولذلك يتحكم في كل شيء، ابتداء من تحكمه في وظائف الإله
نفسها.
وقد عبر عن ذلك
الاحتقار للجنة بقوله: (أما الجنة، فليس فيها سوى إشباع للغرائز الحيوانية من أكل
وشرب ونكاح، وليس فيها أي إشباع للغرائز الانسانية كالإبداع والإيثار والكرم
والشجاعة ونصرة المظلوم وتعليم العلم وحب الرئاسة ووو..)
ولست أدري كيف
عرف ذلك، وهل زار الجنة حتى يحكم عليها، وهل أحاط بالنصوص المقدسة التي تتحدث عن
الجنة، وكونها دار الضيافة الإلهية التي تتحقق فيها كل الرغبات المشروعة، ويتحقق
معها كل أنواع السمو الروحي والأخلاقي، حيث يعيش أهل الجنة الحضارة الراقية والذوق
الرفيع والأدب الجم، حيث لا لغو هناك ولا تأثيم.
لكنه ـ بسبب
العشى الذي أحاط ببصيرته ـ لم يعرف الجنة إلا من خلال ذلك الوعظ البارد الذي
يستعمله بعض عوام الوعاظ والدعاة بعيدا عن الحقائق التي وردت في النصوص المقدسة،
ولذلك توهم أن الجنة مجرد دار للمتع الجسدية وحدها.
ثم راح ـ مثل
سائر التنويريين ـ يتحدث عن ذلك الكوكب الذي يسمونه كوكب اليابان؛ فيقول: (أما
عمليا، فنحن نرى اليابان مثلا وهم لا يعتقدون بالجنة والنار(الديانة السائدة هناك
التاوية والبوذية) أحسن من المسلمين أخلاقا وأقل كذبا
نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 161