فقد كان لهذه
الناقة المخلوقة خلقا جديدا من الصفات والمميزات ما لم يكن لسائر النوق، فقد كانت
تعطيهم لبنا كثيرا، كما أنها تستقي كثيرا، قال تعالى:﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ
لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء: 155]
وهكذا فإن من
مقتضيات الإيمان بالبعث الإيمان بالخلق الجديد، فالإنسان عند بعثه لن يتطور من
كائن آخر، وإنما سيخلق من جديد من تراب الأرض، وبخصائص جديدة تخالف الخصائص التي
ولد بها في هذه النشأة.
ولهذا رد الله
تعالى على الذين يفرضون عليه ماذا يفعل، وكيف يفعل، بقوله: ﴿أَفَعَيِينَا
بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [ق:
15]، ومعناها ـ كما يذكر المفسرون ـ: (أعجزنا عن الخلق الأول حتى نعجز عن الخلق
الجديد؟ أي لم نعجز عن الخلق الأول وهو إبداؤه فلا نعجز عن الخلق الجديد وهو
إعادته)
والمراد بالخلق
الجديد (تبديل نشأتهم الدنيا من نشأة أخرى ذات نظام آخر وراء النظام الطبيعي
الحاكم في الدنيا فإن في النشأة الأخرى وهي الخلق الجديد بقاء من غير فناء وحياة
من غير موت)
وقد أشار إلى
هذا أيضا ما ورد في القرآن الكريم من القدرات العظيمة التي آتاها الله للمسيح عيسى
عليه السلام، ومنها إحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص.. والتي وصلت إلى حد
القدرة على الخلق بإذن الله.. والتي وردت في مواضع من القرآن الكريم، وبصيغ
متعددة، منها قوله تعالى على لسان المسيح معبرا عن فضل
نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 187