ومنها التماس مايزيد أواصر المحبة الأخوية، وأولها إخبار الأخ بالمحبة لقوله
a: (إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره)
[2]، ويعقب الغزالي على هذا الحديث بقوله: (إنما أمرنا بالإخبار
لأن ذلك يوجب زيادة حب، فإن عرف أنك تحبه أحبك بالطبع لا محالة، فإذا عرفت أنه أيضا
يحبك زاد حبك لا محالة، فلا يزال الحب يتزايد من الجانبين ويتضاعف)[3]
ومنها أن يدعوه بأحب أسمائه إليه في غيبته وحضوره، ويثني عليه بما يعرف من
محاسن أحواله، بل يثني على أولاده وأهله وصنعته وفعله حتى على عقله وخلقه وهيئته وشعره
وجميع ما يفرح به، وذلك من غير كذب وإفراط، وأن يبلغه ثناء من أثنى عليه مع إظهار الفرح،
فإن إخفاء ذلك حسد، وأن يشكره على صنيعه في حقه، ويذب عنه في غيبته مهما قصد بسوء،
أو تعرض لعرضه بتصريح أو تلميح.
ويجعل الغزالي الحد الجامع لهذه المظاهر وغيرها هو (الإخلاص في الصحبة)، ويفسره
باستواء الغيب والشهادة، واللسان والقلب، والسر والعلانية، والجماعة والخلوة، ويعتبر
ضده نفاقا، وينصح من كان كذلك بالانقطاع والعزلة لأن (حق الصحبة لا يطيقه إلا محقق،
فلا جرم أجره جزيل لا يناله إلى موفق) [4]
ومن علامات هذا الإخلاص الدعاء للأخ
في حياته وبعد موته بكل مايحبه لنفسه