نام کتاب : النوازل الفقهية و مناهج الفقهاء في التعامل معها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 23
المكلف به،
فقد يؤدي التغالي في التقليد إلى إنكار لما أجمع الناس على ترك إنكاره)[1]
رابعا - ظهر
في القرون المتأخرة بعد ابن تيمية بعض الأعلام الكبار الذين أحيوا الدعوة إلى فقه
الدليل، وكتبوا في ذلك المؤلفات الكثيرة، وتعرضوا لبعض المحن بسبب ذلك.
ومن كبار هذه
الطبقة الشوكاني صاحب المؤلفات الكثيرة في نصرة فقه الاستدلال بدل فقه التقليد،
ومن تصريحاته في هذا الباب قوله بعد إيراده الخلاف في (قول الصحابي هل هو حجة أم لا):
(والحق: أنه ليس بحجة [2]، فإن الله سبحانه لم يبعث إلى هذه الأمة
إلا نبينا محمدا a، وليس لنا إلا رسول واحد، وكتاب واحد،
وجميع الأمة مأمورة باتباع كتابه، وسنة نبيه، ولا فرق بين الصحابة وبين من بعدهم،
في
[2] رد
أبو زهرة بشدة على الشوكاني في هذه المسألة بقوله: ( ولا شكَّ أن هذه مغالاة في
ردِّ أقوال الصحابة، ومن الواجب علينا أن نقول : إنَّ الأئمة الأعلام عندما اتبعوا
أقوال الصحابة لم يجعلوا رسالةً لغير محمد a ، ولم
يعتبروا حجَّةً في غير الكتاب والسنَّة، فهم مع اقتباسهم من أقوال الصحابة
مستمسكون أشدَّ الاستمساك بأن النبي واحدٌ، والسنَّةَ واحدةٌ، والكتابَ واحدٌ،
ولكنهم وجدوا أن هؤلاء الصحابة هم الذين استحفظوا على كتاب الله سبحانه وتعالى،
ونقلوا أقوال محمد a إلى من بعدهم،
فكانوا أعرف الناس بشرعه، وأقربهم إلى هديه، وأقوالهم قبسةٌ نبويةٌ، وليست بدعاً
ابتدعوه، ولا اختراعاً اخترعوه، ولكنها تلمُّسٌ للشرع الإسلامي من ينابيعه، وهم
أعرفُ الناس بمصادرها ومواردها، فمن اتبعهم فهو من الذين قال الله تعالى فيهم : {
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ
اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
(100) } [التوبة:100] ( أصول الفقه، محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، ص 218)،
ونحب أن ننبه هنا بأن الشوكاني أيد القول بحجية الصحابي في كتابه (التقليد
والإفتاء والاستفتاء)(انظر: التقليد والإفتاء والاستفتاء (ج 1 / ص 51) فما بعدها)
نام کتاب : النوازل الفقهية و مناهج الفقهاء في التعامل معها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 23