فعند ملاحظة هذا التراجع السريع من ابن باديس من موقفه الداعي إلى الاعتدال دليل أو أمارة على أنه كان حريصا على بقاء الشيخ الطيب العقبي معه لأهميته في جلب الكثير من الأعضاء للجمعية، ولكن مع ذلك لم يرض بيان التراجع الشيخ العقبي الذي بلغ به الغضب أشده بعد الحادثة التي ذكرناها من الاعتداء على ابن باديس، وحينها أعلن الشهاب بهذا الإعلان الذي توجه به للشيخ العقبي، والذي يقول: (ونحن نؤكد لحضرته ولكل من كان على شاكلته أننا أضربنا على ذلك المقال الذي زال بزوال ما اقتضاه من الأحوال ورجعنا إلى خطتنا القديمة)
وقد كان لهذه الكلمة المبيحة للعودة إلى العنف في القول أثر كبير على الشيخ العقبي، فنشر مقالا عنوانه: (أما الآن فنعم. وقد وجب الرجوع)، وبين فيه مقدار ما وصل إليه سوء التفاهم مع إدارة الشهاب، وما جرى بينه وبينها من كلام[268].
هذا ما ذكره شاهد عيان بنوع من الرضا عن موقف الطيب العقبي، ونوع من المعاتبة لابن باديس، وهذا ما يدل على البيئة التي كان يتعامل معها ابن باديس، التي اضطرته فيما نرى أحيانا على بعض التشدد.
ومن ذلك أنه لما توطدت العلاقة بين العقبي وابن باديس فراسله ابن باديس سنة 1924، مباركا أعماله ومجهوداته في الإصلاح، أقلق هذا الموقف أصحاب الطرق الصوفية، لأن ابن باديس في نظرهم كان أكثر ليونة، ولم يرغبوا في أن يصير ابن باديس كالعقبي[269].
ويذكر المؤرخون للجمعية في هذا أن ابن باديس سعى الى إخماد نار الفتنة بين العقبي
[267] أحمد حماني، صراع بين السنة والبدعة: ح2، ص26.
[268] أحمد حماني، صراع بين السنة والبدعة: ح2، ص26.
[269] بعلي مراد، الحركة الإصلاحية الإسلامية في الجزائر، ص168..
نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 182