نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 185
ومن الدلائل على هذا السمو الأخلاقي الذي كان يتمتع به على الرغم من توجهه الإصلاحي ما ذكره عند وصفه لرحلته إلى بعض المناطق في الغرب الجزائري، فعندما ذكر مستغانم، وعد من لقي فيها من العلماء والمشايخ ذكر الشيخ ابن عليوة، بل قدم له بهذا الوصف: (من غده دعا للعشاء معنا أعيان البلد منهم فضيلة الشيخ المفتي سيدي عبد القادر بن قارة مصطفى وسماحة الشيخ سيدي أحمد بن عليوة شيخ الطريقة المشهورة وكان هذا أول تعرفنا بحضرتهما فكان اجتماعا حافلا بعدد كثير من الناس)[273]
وقد ذكر ما حصل في ذلك المجلس وبعده، ونحب أن ننقله هنا كما وصفه ابن باديس لأنه يبين كيف كان يمكن للعلاقة بين الجمعية والطرق الصوفية أن تستمر لولا وجود أولئك المتشددين من المتشربين للأفكار الوهابية.
ونحن لا ننقلها من باب إثبات مدى اعتدال ابن باديس فقط، وإنما ننقلها لبيان مدى اعتدال مشايخ الطرق الصوفية وخصوصا الشيخ ابن عليوة.
يقول ابن باديس واصفا ذلك المجلس، وكيف أتيح له الكلام فيه في حضور المفتي وشيخ الطريقة، وهو موقف يدل على مدى احترامهما له:( ولما انتهينا من العشاء ألقيت موعظة في المحبة والأخوة ولزوم التعاون والتفاهم على أساسهما وأن لا نجعل القليل مما نختلف فيه سببا في قطع الكثير مما نتفق عليه، وأن الإختلاف بين العقلاء لا بد أن يكون ولكن الضار والممنوع المنع البات هو أن يؤدينا ذلك الاختلاف إلى الافتراق وذكرنا الدواء الذي يقلل من الاختلاف ويعصم من الافتراق وهم تحكيم الصريح من كتاب الله والصحيح من سنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم-. فاستحسن الشيوخ الحاضرون ذلك وحل من الجميع محل القبول، والحق يقال أن أغلب الناس ممن رأينا صاروا يشعرون بألم الافتراق