نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 211
وأبدوا للناس بعض مكنونات أسرارهم ملفوفة في أغشية جميلة من الألفاظ، ومحفوفة بظواهر مقبولة من الأعمال. وحاولوا أن يصلوا نحلتهم تلك بعجرها وبجرها بصاحب الشريعة أو بأحد أصحابه فلم يفلحوا، وافتضحت حيلتهم وانقطع الحبل من أيديهم، فرجعوا إلى ادعاء الكشف وخرق الحجب والاطلاع على ما وراء الحس إلى آخر تلك (القائمة) التي لا زلت تسمعها حتى من أفواه العامة وتجدها في معتقداتهم)[330]
وهذه الكلمات الشديدة موجهة إلى كل العلماء الذين اقتنعوا بمنهج الغزالي، فراحوا يجمعون بين العلم الشرعي والسلوك الصوفي، والإبراهيمي بهذه الكلمات الشديدة القاسية يرمي كل أولئك العلماء، وكل التراث الذي خلفوه بالانحراف المقصود المضاد للدين.
ثم راح يتحدث عن مرحلة ثالثة، وهي المرحلة التي نشأ فيها التصوف العرفاني، فقال: (ثم أَمِرَ أمر هذه الصوفية وتقوّت على الزمن، والتقت مع الباطنية وغيرها من الجمعيات التي تبني أمرها على التستر على طبيعة دساسة وعرق نهل ومزاج متحد. واختلطت تعاليم هذه بتعاليم تلك، وتشابهت الاصطلاحات وابتلي المسلمون من هذه النحل بالداء العضال)[331]
والعجيب أن الإبراهيمي لا يناقش هذه المسائل الخطيرة مناقشة علمية، فيحدد المرادين، ويستثني غيرهم، ويفرق بين الوقوع في الخطأ، وتعمد الخطأ، بل والتآمر على الخطأ.
فهو في هذا الحديث من أوله إلى آخره يتحدث عن عصابة تتآمر على الدين، وهي تعرف أنها تتآمر عليه، ولكنها تصر على ذلك رغبة في حربه.
ولم يكتف بذلك، بل راح يعتبر الصوفية محلا لكل انحراف، فقال: (وقد اتسع صدرها بعد أن تعددت مذاهبها، واختلفت مشاربها في القرون الوسطى والأخيرة من تاريخ الإسلامء فانضوى تحت لوائها كل ذي دخلة سيئة وعقيدة رديئة حتى أصبح التصوف حيلة كل محتال،