نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 236
رسمية قليلة الصفحات، كان يمكن أن تستغل فيما يفيد القارئ، ولكنا نجد فيها مثل هذا الكلام الكثير الذي ينبئ عن نفسية معينة: (حل الأستاذ مبارك الميلي ببلدة القرارم قادما من الميلية بعد صلة الرحم صباح يوم الأربعاء عاشر ربيع الآخر, وبنزوله من السيارة تسابق الناس إلى لقائه فتلقوه بوجوه ضاحكة مستبشرة وقلوب تحمل في سويدائها إيمانا صادقا وعطفا زائدا نحو العلماء العاملين. وقصد الكل محل آل بوزيان المعد لنزول الوافدين, وما إن انتشر خبر قدومه حتى أسرع أهل البلدة للترحيب به وفي مقدمتهم بعض العلماء الذين كانوا هنا منهم الشيخ بلقاسم السوفي المتطوع بجامع الزيتونة)[369]
وحتى تكتمل الصورة جيدا، فقد كان الشيخ مبارك الميلي حينها لا يتجاوز عمره 37 سنة، لكن المشايخ من كل حدب وصوب يسرعون إليه كما يحلو للصحيفة أن تصور، حتى أنها وصفت ذلك اليوم بكونه (يوما عزيز الوجود)
بعد هذه الملاحظة التي رأينا ضرورة ذكرها اجتمع الجمع، بعد صلاة العشاء في المسجد الجامع، وبعد الصلاة تحلق الجمع حول هذا الشيخ المصلح الفتي، وكانت فرصة عظيمة له لينشر الفكر الإصلاحي، فانتهز الشيخ الفرصة، وتحدث في وقت كانت الأعين – كما تصف الصحيفة- إليه ناظرة, (فأبان للسامعين قسمه تعالى بما ذكر في هذه السورة وما يستنتجه العقل السليم من بلاغة القرآن العظيم, وأن الله تعالى يقسم بما يريد من مخلوقاته لينبهنا إلى ما في المقسم به من علامات ناطقة بجلال قدرته, هذا بخلاف المخلوق فإنه لا يجوز له شرعا أن يقسم بمخلوق مثله. ومعلوم أن المقسم بالكسر بقسمه قد عظم المقسم به, والتعظيم لا ينبغي أن يكون إلا لله)[370]