نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 338
وأن منزلتهما من دواعي التهذيب والتربية الفاضلة لأرفع منزلة، وأن مكانتهما من بين مقوّمات الأخلاق لمنزلة الطعام والشراب من بين المقوّمات الجسدية. وما بنيت نهضة من النهضات الأخلاقية في الأمم الجديدة إلا وللتمثيل والخطابة في بنائها القسط الأوفر والحظ الأولى.. وليس موقف الممثل بينهم دون موقف الخطيب ولا موقع الرواية من نفوسهم دون موقع الخطبة. فإنما الخطيب والممثل شيء واحد- الممثل خطيب إذا أحسن تصوير المغزى وشخّص الحقائق الغائبة للمشاهدين كالحاضر المشاهد، وألبس الخيالات لباس الواقع المحسوس. والخطيب ممثل إذا عرف كيف يقصّ الخبر وكيف يستخرج العبر، وكيف يسوق المؤثرات فيترك في نفوس سامعيه أعمق الأثر)[551]
وقد انتهجت الجمعية في تكوينها للنشء الإصلاحي على هذا الأساس، لذلك حاولت أن تنشئ فيهم القدرة على الكلام والخطابة، وقد صرح الإبراهيمي عند بيانه للإصلاح التعليمي الذي تريد الجمعية تحقيقه في مدارسها، فذكر من السبل لذلك سبيلان[552]:
الأول: مؤتمر سنوي تعقده الجمعية بقسنطينة يحضره كل القائمين بالتعليم من أعضائها العاملين، فتتبادل الآراء وتتلاقح الأفكار وتستفيض المباحث عن أصول التربية والتعليم وأقوم طرائقهما، وعن الأساليب والكتب التي تجمع بين العلم والعمل، وسيكون من نتائج هذا المؤتمر توحيد التعليم.
والثاني: سماه الإبراهيمي (عكاظ علمي سنوي) تقيمه الجمعية في مدينة الجزائر على أثر اجتماعها العام، وتمتد أيامه إلى ما فوق الأسبوع، ويلقي كل أعضائها العاملين محاضرات ليتمرّنوا على الخطابة في مواضيع الدعوة والإرشاد.
وبالإضافة إلى هذا نرى الجمعية في صحفها تصف الخطب التي يقدمها أعضاؤها،
[551] الشهاب، الجزء الثالث، المجلد السادس، أبريل 1930. مقتطفة من خطاب مرتجل، نقلا عن الآثار: 1/67.