نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 372
ولكنه مع ذلك يظل مصرا على أن مرتكب الجريمة ينتمي للطرق الصوفية، يقول في ذلك: (وقد جاءتنا الأخبار الأخيرة عن هذا الحادث الفظيع أن الحكومة بوهران ألقت القبض على الجاني وأنه رهن السجن والتحقيق. ولكنا لم نعلم اسمه ولا هويته في طريقته ونحلته, ولا اسم (الشيخ) أو (المقدم) الذي سول له ارتكاب هذه الخطيئة وجرأه عليها بل أغراه بها وأشلاه, فلهذا لا نقدر أن نقول أنه من فقراء الطريقة العليوية أو أفرادها وما أكثر الأفراد في كل طريقة؟... غير أن الأمر المحقق عندنا هو أن الجاني طرقي وأنه مدفوع إلى هذه الجناية من طرقي ضال, وأفاك دجال ستظهره الأيام وسيلقى جزاء جريمته وما اكتسبت يداه, وإن غدا لناظره قريب, وقريب جدا ما يوعدون)[613]
لكن الأيام خلفت للأسف ما جزم به العقبي، فلم تعرف الطريقة ولا شيخها الذي استطاع بدهائه أن يدبر هذه الحادثة من غير أن يفطن له أحد.
ونحب في هذا المقام أن نذكر بما قاله مالك بن نبي من ممارسات الاستعمار لتفكيك المجتمع الجزائري، وإثارة النعرات العرقية أو الطائفية فيه، فقد ذكر من الأمثلة على ذلك (أن يغتال - المستعمر- رجلاً واحداً حتى يبث الفوضى والاضطراب، أو أن يشتري ضمير أحد الزعماء السياسيين، الذين تتجسد فيهم في فترة معينة، طاقة البلاد الحيوية وفكرة نضالها)[614]
وبناء على هذا لا نستبعد أن تكون الحادثة تدبيرا استعماريا لإثارة المنطقة الغربية الجزائرية ضد الطرق الصوفية، كما أثيرت من قبلها في المنطقة الشرقية، خاصة إذا علمنا أن الزاهري اتهم بعد ذلك من الجمعية بكونه عميلا للاستعمار، بل نفذت فيه الثورة الجزائرية حكمها بالإعدام، وبذلك قتل الزاهري بيد الثورة لا بيد المساكين من أبناء الطرق الصوفية