نام کتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 228
الواحدة
الدالّة على معنى مخصوص قد يفهم منها العبد معاني كثيرة لا تحصى، وربّما الكلمة
يكون ظاهرها قبيحا، ويستفيد منها العارف أمرا مليحا، إمّا على وجه التصريح وإمّا
على وجه التلويح، فإنّ القوم وإن اشتركوا مع غيرهم في ظاهر اللفظ، فإنّهم مختلفون
في القصد، كما أنّهم اشتركوا في المشهود واختلفوا في الشهود، واشتركوا في المسموع،
واختلفوا في الأسماع، قال تعالــــــــى : {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ
بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ } [الرعد: 4])[1]
واعتبر القدرة على تحليل الظواهر والعروج منها إلى
البواطن هبة واصطفاء إلهيا، فقال: (فسبحان من هداهم وقربهم إليه، واجتباهم حتى
صاروا يأخذون أحكامهم وأفعالهم من مولاهم، فسمعوا ما لم يسمعه الخلق، وأبصروا ما
لم يبصره الخلق، فأجسامهم عندنا وأرواحهم عند الملك الحقّ، وكما قال بعضهم :
فؤادي عند محبوبي مقيم
يناجيه وعندكم لساني
ونقل عن ( الجيلي ) قوله في ( عينيته ) المشهورة :
إذا زمزمت ورقاء على غصن بانة
وجاوبها قمريّ على الأيك ساجع
فأذني لم تسمع سوى نغمة الهوى
ومنكم فإنّي لا من الطير سامع
ثم عقب عليها بقوله:
(فإذا كان هؤلاء القوم يستخرجون الجدّ من الهزل، فكيف لا يستخرجون الجــــدّ
مـــن الجدّ، بل لهم ذلك لكونهم لا يقفون عند ظاهر الألفاظ، وإنّما ينظرون إلى
المعاني الدالّة على المراد، ولا يلتفتون للحن ولا للإعراب، بل يأخذون المعاني من
حيث وجدوها، فهم ناظرون لإشارة الأرواح، غافلون عما يتلفظ به اللسان، تراهم مع
الله في كلّ حال وشأن، مع انّه كلّ يوم هو في شأن، ما اتخذ الله وليّا جاهلا إلاّ
علّمه، وابتداء
[1] ابن عليوة، المنح القدوسية في شرح المرشد المعين على الطريقة الصوفية، ص23.
نام کتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 228