نام کتاب : جوانب الخلاف بین جمعیة العلماء والطرق الصوفیة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 368
ولذلك لا يوجد من يحترم الكون كاحترام العارفين، ولا
يوجد من ينسب الكون إلى مصدره كما ينسبه العارفون، فهم لا يقصرون الشرك على
الاعتقاد بوجود الند لله، بل يعتبرون من الشرك أو أساس الشرك نسبة الوجود الذاتي
للأشياء.
وعلى هذا المعنى اتفق العارفون، وقد جمع ابن عطاء
الله كل أقوالهم في ذلك بعبارة مختصرة فقال:(
الأكوان ثابتة بإثباته، وممحوة بأحدية ذاته)[1]
فالأكوان ـ كما يراها العارفون، وكما هي في حقيقة
الحال ـ عدم محض من حيث ذاتها، وما ثبوتها إلا بإثباته تعالى وإيجاده لها وظهوره
فيها.
وهم يستشهدون لهذا المعنى بالمعنى الإشاري المبثوث في
ثنايا قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] ، فيفهمون منها أن كل ممكن
هو باعتبار ذاته هالك، أو هو عدم محض ونفي صرف، وإنما له الوجود من جهة ربه، فهو
هالك باعتبار ذاته، موجود بوجه ربه، أي أن وجوده قاصر على جهة ربه.
وربما يفيد سياق الآية هذا المعنى، فهو قد ورد في
أثناء الدعوة إلى توحيد الله في الدعاء والعبادة، ليقول من جهة لا تتخذ أي ند
تدعوه من دون الله فسيأتي اليوم الذي يهلك فيه، فلا يبقى شيء غير الله، وقد تفيد
ما يريده خالعو لباس الكون المعدوم من نفي الوجود الذاتي، فلذلك يكون من دعا غير
الله،