نام کتاب : جوانب الخلاف بین جمعیة العلماء والطرق الصوفیة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 378
وكلّ الحروف مستهلكة في
كنهّها الغيبيّ كما تقدم كما كانت الكتب مستهلكة في الحروف على اختلاف مدلولاتها،
واستهلاك الكتب في الحروف يشعر به كلّ من له أدنى شعور إذ لو فتشت الكتاب لم تجد
فيه ظاهرا على صفحاته حاملا لمعانيه غير الثمانية وعشرين حرفا فهي المتجليّة بكلّ
لفظ ومعنى، تتلّون بالألفاظ المختلفة والمعاني المتباينة إلى {إِنَّا نَحْنُ
نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } [مريم: 40]، {أَلَا إِلَى اللَّهِ
تَصِيرُ الْأُمُورُ } [الشورى: 53]، فتصير الحروف إلى مركزها
الأصليّ حين لا شيء إلاّ ذات النقطة)[1]
ثم بين سر الرحمة التي نشأت
منها كلمات الكون جميعا، فقال: (ثمّ اعلم : أنّ النقطة كانت في عمائها حالة
استهـلاك الحروف في ذاتها، وكان لسان كلّ حرف يطلب ما تقتضيه حقيقته من طول وقصر
وعمق وغير ذلك، وهكذا تحرّكت دواعي الكلام على وفق ما تقتضيه أوصاف النقطة الكامنة
في ذاتها) ) [2]
بهذه اللغة البسيطة الممتلئة بالأمثلة المبسطة حاول
الشيخ ابن عليوة أن يفلسف سر نشأة الكون وعلاقته بخالقه،
ويفسر على أساس ذلك مشاهدات العارفين، وهو بذلك يطرح التصور الصحيح لمعنى وحدة
الوجود الذي لا يلغي الخالق، ولا يلغي الخلق، وإنما يجعل الخلق قائما بالخالق،
مفتقرا إليه في كل نفس.
[1] ابن عليوة، الأنموذج الفريد المشير لخالص التوحيد ،ص15.
[2] ابن عليوة، الأنموذج الفريد المشير لخالص التوحيد ،ص15.
نام کتاب : جوانب الخلاف بین جمعیة العلماء والطرق الصوفیة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 378