نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 131
وما علة وجود الله؟ وستجيبني بأن الله غير معلول الوجود، وهنا أجيبك: ولماذا لا نفترض أن المادة الأولى غير معلولة الوجود، وبذلك يُحسم النقاش دون اللجوء إلى عالم الغيبيات، وإلى كائنات روحية بحتة لا دليل لنا على وجودها، علماً بأن ميل الفلاسفة القدماء بما فيهم المسلمين كان دائماً نحو هذا الرأي إذ قالوا بقدم العالم، ولكنهم اضطروا للمداورة والمداراة بسبب التعصب الديني ضد هذه النظرة الفلسفية للموضوع[66]، في الواقع علينا أن نعترف بكل تواضع بجهلنا حول كل ما يتعلق بمشكلة المصدر الأول للكون)[67]
ابتسم حبنكة، وقال: هل انتهيت؟
قال العظم: ألا يكفي هذا الكلام العلمي لأن يجعل هذا المجلس ينفض؟.. لقد أتيت بفصل الخطاب.. ولا يمكن لأحد في الدنيا أن يعقب على حرف واحد مما ذكرت.
قال حبنكة: اسمح لي أن أعقب على ما ذكرت.. فقد اتفقنا جميعا، ومعنا هذا الجمع على أن لا نعظم إلا الحقيقة.. الحقيقة وحدها، بغض النظر عمن يمثلها، هل أنا أم أنت؟
طأطأ العظم رأسه، فقال حبنكة: سأبدأ حديثي معك عن تساؤلك عن علة وجود المصدر الأول للأشياء، وزعمك أن إحالة المؤمنين ذلك على الله تعالى يساوي نظرياً وقوف الملحدين عن السديم، الذي اعتبروه المادة الأولى لهذا الكون.. فكلا الفريقين عندك متساويان مع فارق مهم، وهو أن الملحد اعترف بهذا قبل المؤمن بخطوة واحدة.. فهل هذا ما تقصده؟
قال العظم: أجل.. أم أنك تحتقر ما ذكرت؟
قال حبنكة: لا.. أنا لا أحتقر ما ذكرت.. ولكني أقرره لأناقشه عن بينة.
قال العظم: إن كان لديك قدرة على نقض ذلك الكلام، فهلم به.
[66] لا شك أن هذا من المفتريات، فأكثر فلاسفة الإسلام كانوا من الملتزمين بالإسلام، بل حاولوا نصرته بما أتيح لهم من أدوات لم تتح لغيرهم.