فالإمهال إذن رحمة من الله، أو هو فرصة ممنوحة من الله للظالمين، قد يستغلونها بالرجوع إلى الله، وقد ينتكسون بأن يضاعف لهم العذاب، كما قال a:( إن اللّه ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)، ثم قرأ قوله تعالى:P وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌO (هود:102))[123]
والأمر الثاني أن امتحان الخلق يقتضي ستر أكثر ما يتعرض له الخلق من الجزاء، لأن تعجيل الجزاء قد يجعل الخلق جميعا في صف واحد، صف الخير أو صف الشر بحسب الجزاء، كما قال تعالى:P وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَO (الزخرف:33) أي لولا أن يعتقد كثير من الجهلة أن إعطاءنا المال دليل على محبتنا لمن أعطيناه، فيجتمعوا على الكفر لأجل المال لجعلنا للذين كفروا ذلك الترف الموصوف في الآية.
ولهذا ورد في النصوص الكثيرة الإخبار بأن ما أعطي الكفار من النعيم لا يدل على مرضاة الله، بل قد يدل على سخطه،، قال تعالى مصححا فهوم الكفار الخاطئة:P أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَO (المؤمنون:55 ـ 56)، وقال تعالى:P وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌO (آل عمران:178)
ولهذا ورد بعد هذه الآية الإخبار بأن هذا الابتلاء هو الذي يميز الخبيث من الطيب، ويميز بين الراغب في الله، والراغب في المتاع الأدنى، قال تعالى:P مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى