نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 286
لقد قال سيد قطب معلقا على هذا مبينا جمال هذه السنة مقارنة بما تحفل به الديانات الأخرى من وثنية:( وأخيرا تجيء تلك اللمسة العجيبة، الموحية المؤثرة العميقة.. أخيرا بعد ذكر العقاب المفزع، والأجر العظيم.. لتشعر قلوب البشر أن الله في غنى عن عذاب العباد.. فما به - سبحانه - من نقمة ذاتية عليهم يصب عليهم من أجلها العذاب. وما به - سبحانه - من حاجة لإظهار سلطانه وقوته عن هذا الطريق. وما به - سبحانه - من رغبة ذاتية في عذاب الناس كما تحفل أساطير الوثنية كلها بمثل هذه التصورات.. وإنما هو صلاح العباد بالإيمان والشكر لله.. مع تحبيبهم في الإيمان والشكر لله.. وهو الذي يشكر صالح العمل ويعلم خبايا النفوس) [134]
ومن النصوص الدالة على هذا المعنى كذلك قوله تعالى:P ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَO (التوبة: من الآية120)، فقد أخبر تعالى أن يكتب لهم بهذه الأعمال التي ليست داخلة تحت قدرهم، وإنما هي ناشئة عن أفعالهم أعمالاً صالحة وثواباً جزيلاً.
ومنها قوله تعالى:P وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ O (آل عمران:141)، فأخبر تعالى أن ألم القتل والجراح في سبيله تمحيص وتطهير وتصفية للمؤمنين.
وينص على هذا المعنى قوله تعالى:P وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)O (الشورى)، وفي هذا تبشير وتحذير، تبشير بالتطهير من الذنوب بالمصائب، وتحذير بالمصائب من المعاصي، فالعدل يقتضي الجزاء، والرحمة تقتضي التطهير.
قال الرجل: فلماذا لا يغفر الله للعاصين مباشرة، ويدخلون الجنة من غير مقاساة للعذاب، فتغلب الرحمة الغضب؟