نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 347
المعارف التي يريد الإنسان نقلها وإخراجها أو إعلانها وإظهارها من خزانتها المسماة بالذاكرة في مخه؛ وفق النظام المتواضع عليه في لغته التي قد تكون العربية، أو الفارسية، أو غير ذلك من لغات بني آدم.. واللغة هنا مجرد نظام، والأصوات رموز تشير إلى المعارف المراد نقلها، والكتابة رسوم مرئية ترمز إلى الأصوات حروفا في بعض اللغات، وكلمات في بعضها، وجملا في بعضها، وكل ذلك في إطار النظام اللغوي المتواضع عليه.
ويمكننا أن نقول: إن رسوم الكتابة ترمز إلى الأصوات رمز الأصوات إلى المعاني، وكما أن الذي لا يعرف مرموزات رسوم الكتابة من الحروف أو الكلمات والجمل لا يستطيع أن يقرأ وإن رأى الرسوم، فكذلك حال من لا يعرف المعاني لا يتكلم وإن ظهرت منه أصوات، ولا يعقل لغات الناس وإن سمع أصواتهم؛ حتى يُحَصِّلَ العلم بما حوله، ويعرِفَ نظامَ اللغة في نقل المعاني أو الصور العقلية لما علم، وإن لم يكن له علم بذلك؛ فهو فيما يصدر عنه من الأصوات وطير الببغاء الذي يقلد بعض أصوات الإنسان سواء.
والنقل هنا لا يعني تحريك المعارف من مخ المتكلم إلى مخ السامع؛ بل هو أشبه بنقل صورة جملة مُخَزَّنة في ذاكرة حاسوب إلى آخر، كما أن تخزين الصور العقلية أو الذهنية للمعلومات شبيه بتخزين المعلومات في ذاكرة الحاسوب في صورة رقمية..
والكلام في حقيقته ليس شيئا سوى هذه المعارف التي يراد نقلها في صورة رمزية قد تكون صوتية لغوية، وقد تكون بالإشارة، وقد تكون بغير ذلك.