قال الباقر: فقد عرفت إذن أن العين عينان: ظاهرة وباطنة.. فالعين الظاهرة من عالم الحس والشهادة، والباطنة من عالم آخر وهو عالم الملكوت، ولكل عين من العينين شمس ونور عنده تصير كاملة الإبصار، إحداهما ظاهرة والأخرى باطنة؛ والظاهرة من عالم الشهادة وهي الشمس المحسوسة، والباطنة من عالم الملكوت وهو كلمات الله المقدسة المنزلة على أنبيائه.
قال شنْكَراجاريا: أجل.. لقد شرحت لي كل هذا.. ولكن مطلوبي هو البرهان على أن الله هو النور الحقيقي.
قال الباقر: لقد عرفت إذن أن الأنوار لها درجات مختلفة بعضها فوق بعض.
قال شنْكَراجاريا: أجل.. وقد عرفنا بعضها من خلال حوارنا هذا..
قال الباقر: فهل ترى أن هذه الأنوار تتسلسل إلى غير نهاية؟
قال شنْكَراجاريا: التسلسل ممتنع عقلا.. بل لابد أن تتنتهي الأنوار إلى مصدرها الأول..
قال الباقر: فما يرى العقل من صفة هذا المصدر؟
قال شنْكَراجاريا: لابد أن يكون هذا المصدر الذي تستفيد منه جميع الأنوار أن يكون نورا لذاته وبذاته، ليس يأتيه نور من غيره، ومنه تشرق الأنوار كلها على ترتيبها..
قال الباقر: فهل اسم (النور) أحق وأولى بالمستنير المستعير نوره من غيره، أو بالنير في ذاته المنير لكل ما سواه؟
قال شنْكَراجاريا: بل النير في ذاته المنير لكل ما سواه هو أحق باسم النور من غيره.
قال الباقر: فذلك هو الله.. وهو ما أشار إليه قوله تعالى:P اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 357