نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 53
بعد أن عاد إلي عقلي الحقيقي.. عقلي الذي حجبني عنه العلم المغرور.. رحت أراجع تلك الأفكار الكثيرة التي كنت أحملها عن الإنسان.. والتي كانت تملؤه بالتشويه..
لقد كنت ـ قبل أن اكتشف عقلي ـ أعتقد أن المادة أساسية والعقل ثانوي.. ولذلك، فقد كنت أنظر نظرة زراية للعقل البشري في مقابل إعلاء لشأن الكون المادي اللامحدود واللاشخصي.. لقد كنت أقول كل حين: (من هو الإنسان.. إنه ليس شيئا إذا قيس بالأرض أو الشمس أو المجرة.. إنه تافه من حيث الحجم.. وغير ذي شأن من حيث القوة)
وكنت أقول كل حين: إن كوبرنيكوس[18] قد خلع الإنسان المغرور عن عرشه في مركز الكون، وأن عليه أن يدرك أنه مخلوق بالغ الصغر يسكن كوكباً تافهاً يدور حول نجم لا شأن له.
لكني بعد أن راجعت ما تعلمته من علم متخلصا من رداء الكبرياء الذي كنت أتوشح به رأيت الإنسان أعظم بكثيرة من تلك الصورة المزرية الحقيرة التي كنت أحملها عنه، ويشاركني في حملها أولئك الذين انبهروا بالعلم ولم يتثبتوا فيه.
لقد تحدث ويلر عن جملة الأكوان، ولكنه يشير إلى أن عدداً صغيراً جداً منها كان يمكن أن يصلح للحياة، وبعد أن استعرض دايسن هذا النمط العريض ينتهي إلى أن ذلك يدل على غاية مستهدفة، لا على الصدفة، قائلاً: (كلما ازددت دراسة للكون وفحصاً لتفاصيل هندسية وجدت مزيداً من الأدلة على أن الكون كان يعرف بطريقة ما أننا قادمون). فبعض الظروف الضرورية للحياة كان قد ركب تركيباً في الانفجار العظيم منذ بداية البداية.
[18] كوبرنيكوس، نيكولاس (1473 - 1543م) عالم فلك بولندي، طور نظرية دوران الأرض، ويعتبر مؤسس علم الفلك الحديث.. ونحب أن ننبه هنا إلى أن ديفيد كينج اكتشف عام 1970م أن كثيرًا من النظريات المنسوبة لنيكولاس كوبرنيكوس هي للفلكي العربي ابن الشاطر (ت 777هـ، 1375م)، وبعد ذلك بثلاث سنوات (1973م) عثر على مخطوطات عربية في بولندا اتضح منها أن كوبرنيكوس قد اطلع عليها. (انظر: الموسوعة العربية العالمية)
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 53