وهذا القانون الذي يتقاسم المؤمنون على أساسه نعيم الجنة ودرجاتها هو نفس القانون الذي يتقاسم به أهل جهنم دركات النار، والذي عبر عنه قوله تعالى:P وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَO (الاحقاف:19)
فلا يتساوى أهل جهنم في العذاب كما لا يتساوى المؤمنون في النعيم، بل لكل حسب عمله وجهده ووسعه، قال تعالى:P انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) (الاسراء:21)
هذا عن نعيم أهل الجنة.. وعلاقة عملهم بها..
أما ارتباط الجزاء المعد لأهل جهنم من الكفار والعصاة بالعمل، فتنص عليه الآيات القرآنية الكثيرة في مواضع مختلفة:
منها أن يعرض ذلك على صيغة الوعيد الإلهي الذي لا يتخلف، قال تعالى:P أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَO (يونس:8)
أو أن يعرض على صيغة التبكيت والسخرية، كقوله تعالى:P فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَO (التوبة:82)، أو قوله تعالى:P فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَO (الحجر:84)، أو قوله تعالى:P وقال تعالى:P هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَO (المطففين:36)
أو على صورة إجابة أهل النار أنفسهم، كما في هذا المشهد القرآني، قال تعالى:P مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ( (المدثر:42 ـ 47)
وهذا يدل على قناعة أهل النار باستحقاقهم لها على مقتضى العدل الإلهي، فعدل الله تعالى الذي يقيم عليها أصناف الحجج، ويدع لهم فرص الدفاع عن أنفسهم بما شاءوا من
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 563