قلت: أجل.. هم يسمونها كذلك، ونحن نسميها الحروف العاطلة..
لأنه إن كانت هذه الحروف لا يعلمها إلا الله، كما يقول المسلمون، فما فائدتها لنا،
إن الله لا يوحى إلا بالكلام الواضح أليسوا يقولون ذلك؟
قال: لست أدري هل تصدقني إن قلت لك بأن دهشة عظيمة تأخذني،
عندما أقرأ هذه الحروف، وأقرأ بعدها آيات القرآن المحكمة الصادقة الجادة.
قلت: فأنت معي في هذا إذن؟
قال: إن الدهشة التي تصيبني ليست كالدهشة التي تصيبنا من
ذلك اللغو.. أنا أشعر أن هذه الكلمات التي بدئت بهذه السور تحوي معان رمزية
عميقة.. لست أدري هل هي تهديد، أم معارف.. هل هي وعد أم وعيد.. لكني أدخل إلى
السورة من بوابتها، فأشعر بتلك الهيبة.
قلت: الشعور وحده لا يكفي لأن يخرج اللغو من كونه لغوا.
قال: اللغو هو ما ليس له فائدة أبدا.. أما ما كان فيه
فائدة، فليس لغوا.
أرأيت لو أن قوما من الناس خشوا أن يخترقوا، فاتفقوا فيما
بينهم على حروف لا صلة تربطها.. ليكون ذلك واصلة عقدهم.. فهل تعتبر هذه الكلمة
لغوا؟
قلت: هي لغو من حيث معناها.
قال: ولكنها أهم من كل كلام من حيث فائدتها.
قلت: أتتصور أن هذه الحروف لها هذا الدور؟
قال: قد يكون لها بعض هذا الدور.. أنا أتصور أن هذه الحروف
العجيبة لها دلالة عميقة لا يفهمها إلا من أوتي حظا من علم الكتاب.. القرآن لا
يعتبر الناس جميعا محلا لتنزل المعاني القرآنية العميقة.. فلذلك يقسم الناس إلى
العامة.. والعلماء.. والراسخين في العلم..
اسمع ما يقول في هذا ومثله:{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ
عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ
مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا
تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ