لكن كبرياءهم وصلافتهم جعلتهم لا يبالون بغضب موسى، ولا
بما يقولون، بل يردون عليه قائلين:{ مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا
حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى
السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا
إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ }(طه: 87 ـ 88)
هؤلاء هم بنو إسرائيل.. فهل تتصور أنهم سيحفظون ما أؤتمنوا
عليه من كتاب؟
قلت: إن ألم موسى يبدو جليا في وصيته.. وكأنه يحاول أن يجد
حيلة يحفظ بها كتابه من التغيير.. إنه يأمر بحفظه في تابوت العهد.. ثم يأمر
بقراءته على بني إسرائيل، لعل فيهم من يحفظه، ويورث حفظه.. ولكنه في نفس الوقت
يعلم أنه سيأتي اليوم الذي يغيرون فيه كتابهم.. بل يرى أن ذلك اليوم قريب جدا..
لقد قال لهم:( لأني عارف أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم به
ويصيبكم الشر في آخر الأيام لأنكم تعملون الشر أمام الرب حتى تغيظوه بأعمال أيديكم
)
فتح الكتاب المقدس، ثم قال: بل إن موسى يردد هذه الوصية
كثيرا.. فهو يعلم ما سيلحق كتابه.. اسمع ما يقول:( لا تزيدوا على الكلام الذي أنا
أوصيكم به ولا تنقصوا منه لتحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها
)(التثنية: 4/ 2 )
صمت قليلا، ثم قال: ليس موسى وحده من قال هذا.. كل
الأنبياء تحدثوا عن هذا..
اسمع ما يقول النبي إرميا:( فقال الرب لي.بالكذب يتنبأ
الأنبياء باسمي.لم أرسلهم ولا أمرتهم ولا كلمتهم.برؤيا كاذبة وعرافة وباطل ومكر
قلوبهم هم يتنبأون لكم) (إرميا: 14:14)
وهو يقول:( الأنبياء يتنبأون بالكذب والكهنة تحكم على
أيديهم وشعبي هكذا أحب.وماذا تعملون في آخرتها )(إرميا:5: 31)
قلت: ولكن يا سيد.. ليست هناك أمة خلت من المتنبئين الكذبة
حتى ما ذكرت عن المسلمين قد ظهر فيهم كثير من المتنبئين بعد محمد.