ولهذا لا يوجد في الإسلام أسرار.. وبناء على هذا لا يوجد
في المسلمين (رجل دين) كما نعرفه عندنا.. بل حقائق الإسلام جميعا يتضمنها القرآن
الذي يقرؤه الكل.. الصغار والكبار والنساء والرجال والعامة والخاصة سواء بسواء.
قلت: أراك وقعت في استطراد طويل عما كنا فيه.
قال: لا.. لم أقع في استطراد.. بل كان هذا من صلب ما جئت
من أجله.
قلت: حسبتك جئتك لأجل الكتاب المقدس.
قال: نعم.. جئت لأجله.. ولكن الكتاب المقدس الذي يعرض في
بلادكم ليس هو الكتاب المقدس الذي ينبغي أن يعرض في بلادنا.
قلت: ما تقول؟
قال: نحن في مجتمع يمجد العقل.. ويخضع جميع أحكامه للعقل،
فكيف تريد منا أن نعرض عليهم الكتاب المقدس بما يمتلئ به من خرافات وأساطير..
أتريد أن يرموه في وجوهنا.
قلت: ولكن مجتمعنا كذلك يمجد العقل.. وهل هناك فرق بين
المجتمعات في هذا حتى يكون لكل مجتمع كتابه المقدس؟
قال: نعم هناك فرق بين المجتمعات.. بل هناك فروق كبرى في
المجتمعات في هذا.
سكت قليلا، ثم قال: أنا لم أقل هذا لأسيء إلى مجتمعاتكم،
ولا لأثني على مجتمعاتنا، فمجتمعاتكم تستعمل العقل.. بل قد تستعمله أكثر من
مجتمعاتنا.. ولكنها تستعمله في الرياضيات والفيزياء والتكنولوجيا.. لذلك تفرغ
طاقاتها العقلية في هذه المجالات.. فإذا جاءت لشؤون الدين استراح عقلها.. واكتفى
بأن يسمع ويقلد ويخضع.. هي تتصور ذلك كمالا.. لأنها تتصور قضايا الدين قضايا
ثانوية.
بينما في مجتمعاتنا التي يهيمن عليها الفكر القرآني تعتبر
هذه القضايا قضايا أساسية، فلذلك