لقد جاء في القرآن:{ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ
مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ
اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) (النساء:85)
أتدري لم قال عن الشفاعة الحسنة (يكن له نصيب منها) وعن
الشفاعة السيئة (يكن له كفل منها)؟
قلت: هو مجرد تنوع في الألفاط ليتخلص من التكرار.
قال: لا.. لقد وضع القرآن كل لفظة في محلها الخاص.. فمن
معاني (الكِفل) في اللغة: النصيب المساوي، والمثل، والكفيل يضمن بقدر ما كفل ليس
أكثر.. أما (النصيب) فمطلق غير محدد بشيء معين.
ولهذا جاء التعبير عن السيئة بقوله:{ يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ
مِنْهَا }؛ لأن السيئة تجازى بقدرها، كما ورد في الآية الأخرى:{ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً
فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا )(غافر: 40)
أما الحَسَنة فتضاعف، فلهذا عبر عنها بقوله { يَكُنْ لَهُ
نَصِيبٌ مِنْهَا }، وقد جاء في القرآن الإخبار بهذا، ففيه { مَنْ جَاءَ
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا }(الأنعام: 160)، وفيه:{ مَنْ جَاءَ
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا }( القصص: 84)، وفيه:{ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)(غافر: 40)
ولهذا قال عن حامل السيئة أن له الكفل أي المثل، أما صاحب
الشفاعة الحسنة فله نصيب منها، والنصيب لا تشترط فيه المماثلة.
سكت قليلا، ثم قال: سأضرب لك مثلا آخر.. لقد جاء في قصة
خلق آدم في سورة الأعراف هذا النص:{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)
(لأعراف:12)