فلهذا حذفت كلمة (والمؤمنون) في سياق الآية الأولى، لأن
الكلام فيها عن المنافقين.. ولطبيعة النفاق فإن المسلمين لا يعلمون ما يخفي
المنافق في قلبه، لأنهم لا يعلمون الغيب، والله عالم السر وأخفى، وهو أخبر محمدا
بأسمائهم كلهم.. ولهذا كان الله ورسوله يعلمان كذبهم، لكن باقي المؤمنين لا يعلمون
ذلك.
أما في الآية الثاني فهي في سياق الحديث عن أعمال المسلمين
الظاهرة المكشوفة من صلاة وزكاة.. والتي يراها إخوانهم المسلمون ويطلعون عليها.
سكت قليلا، ثم قال: لقد تكررت كلمة واحدة ثلاث مرات، ومع
ذلك أفادت معاني ثلاثة لا معنى واحدا.. أتدري ما هي؟
تأملت قليلا، ثم قلت: لا أدري.
قال: لقد ورد في سورة الروم:{ اللَّهُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ
مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ
الْقَدِيرُ}(الروم:54)
فلكمة ( ضعف ) نكرة تكررت في نفس الموضع ثلاث مرات، وذلك
يفيد أن الضعف الأول غير الثاني وغير الثالث.
قلت: كيف عرفت ذلك؟
قال: هناك قاعدة بيانية متفق عليها عند علماء العربية تذكر
أن النكرة إذا تكررت، فإنها في كل مرة تفيد معنى جديداً.
ولهذا، فإن المراد من الضعف الأول هو النطفة، وهي ضعيفة،
لأنها من ماء مهين.
والمراد من الضعف الثاني الطفولة، لأن الطفل بحاجة إلى
رعاية أمه في مرحلة الرضاع، وعناية خاصة حتى يجتاز مرحلة المراهقة ويصل البلوغ.
والمراد من الضعف الثالث: الشيخوخة، لأن الإنسان يتحول في
مرحلة الشيخوخة ضعيفا عاجزا.. ضعيف الفكر.. ضعيف الحركة والسعي والنشاط.