أما في سورة الهمزة، فقد ذكر النتيجة وتعرض للعاقبة، لذلك
ناسب أن يذكر بلوغه النهاية في الاتصاف بهذه الصفة، وناسب أيضا أن يذكر في الجزاء
صيغة مماثلة فقال:{ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) (الهمزة:4)،
والنبذ إذلال، والحُطَمة صيغة مبالغة بالتاء تدل على النهاية في الحطم، وهي تفيد
أن الجزاء من جنس العمل فكما أنه يبالغ في الهمز، فسيكون مصيره مماثلا في الشدة.
سكت
قليلا، ثم قال: أتدري لم قال القرآن على لسان الشيطان:{
ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ
أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)
(لأعراف:17)، فقد ذكر الجهات الأربع.. ولم يذكر من فوقهم ومن تحتهم؟
قلت:
لا أعرف.. ما سر ذلك؟
قال:
لقد ورد في القرآن الإخبار بأن هاتين الجهتين مختصتان برحمة الله وعذابه.. ففي
الرحمة جاء في القرآن:{ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا
التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا
مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ
وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) (المائدة:66)