قلت: فيمكن الاعتماد على الإنجيل إذن.. واعتباره كتابا
مقدسا.
قال: ألا تعرف من هو مرقس؟
قلت: أعلم أنه ليس من الحواريين.. ولا علم لي بتفاصيل
حياته بعد ذلك.
قال: هنا ترى الفرق عظيما بين أسانيد المسلمين وأسانيدنا..
إن المسلمين يتشددون كثيرا في الرواة.. حتى الرواة الذين ينقلون أحاديث نبيهم.. بل
حتى الناقلين للأخبار والتواريخ.. فكيف بكتابهم المقدس؟
إن كل راو من رواة هذه النصوص المقدسة وغير المقدسة يحمل
تراجم مفصلة عن حياته، ثم حكما عليه بعد ذلك بالقبول أو الرفض.. وهذا ما نفتقده
نحن في أهم مصادر ديننا.
قلت: فمن هو مرقس؟
قال: يتفق المحققون في ترجمته على ما رددته مصادرنا، والتي
يجمعها ما جاء في قاموس الكتاب المقدس عنه، فهو الملقب بمرقس، واسمه يوحنا، وقد
رافق برنابا وبولس في رحلتهما، ثم فارقهما، ثم عاد لمرافقة بولس.
وهم يتفقون على أنه كان مترجماً لبطرس الذي له علاقة بهذا
الإنجيل.
ويذكر المؤرخ يوسيبوس أنه - أي مرقس - أول من نادى برسالة
الإنجيل في الإسكندرية، وأنه قتل فيها.
ومصادرنا لا تتفق على المحل الذي كتب فيه إنجيله.. فبعضها
تذكر أنه كتبه في روما.. وبعضها ترى أنه كتبه في الإسكندرية.. وهي ترى أن كتابته
تمت ـ على اختلاف في هذه المصادر ـ بين عام 39 ـ 75م.. ورجح أكثرها أن كتابته تمت
بين 44 - 75م.. وهم يعتمدون في ذلك على شهادة المؤرخ ايرينايوس الذي قال:( إن مرقس
كتب إنجيل بعد موت بطرس وبولس ).. ويرى اسبينوزا أن هذا الإنجيل كتب مرتين إحداهما
قبل عام 180م والثانية بعده.
وأقدم ذكر لهذا الإنجيل ورد على لسان المؤرخ بابياس ( 140م
) حين قال:( إن مرقس ألف