الليل والنهار يقصد بهما في القرآن في معظم الآيات لازمين من لوازمهما،
وذلك: إذا استخدمنا ما يسمى في البلاغة بالمجاز المرسل، والذي أخذ به المفسرون في
آيات أخرى بمعنى الظلام والنور، وليس بالمعنى الزمني.
لقد ورد الليل والنهار في القرآن الكريم بهذا المعنى، كما في قوله
تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ
وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾
(يونس:67).. فزمني الليل والنهار لا يساعدان مطلقاً على السكون والإبصار، وإنما
يساعد عليها ظلمة الليل ونور النهار، وبهذا يتضح أن المراد هنا هنا من الليل
والنهار هو الظلام والنور.
انطلاقا من هذا.. فإنا إذا استعرضنا لوازم الليل والنهار في علم الطبيعة نجد
عددها ستة بخلاف المعنى الأصلي الزمني، وهي: ظلام الليل ونور النهار، مكان حدوث
الليل ومكان حدوث النهار، سبب حدوث الليل وسبب حدوث النهار.
وباستخدام الاحتمالات المنطقية من هذه اللوازم نصل إلى المراد من آيات
الإغشاء والتكوير والإيلاج والسلخ، على الترتيب.
لنبدأ بآيات الإغشاء، كقوله تعالى:﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ
﴾ (لأعراف: 54) ومعناها: على اعتبار أن فيها حذفاً تقديره: يغشي الليل
النهار، ويغشي النهار الليل، أي: أنه تعالى يغطي بالليل النهار ويغطي بالنهار
الليل على سطح الأرض، وحيث أنه لا معنى لتغطية زمن بزمن، فيكون المعنى بالمجاز
المرسل: يغطي الله بظلمة الليل مكان النهار على الأرض فيصير ليلاً، ويغطي الله
بنور النهار مكان الليل فيصير نهاراً، والقرينة على هذا المعنى المقصود كلمة
﴿ يغشي ﴾ أي: يغطي، لأن الإغشاء يقتضي تغطية شيء بشيء، والأول
المراد تغطيته هو مكان النهار ثم مكان الليل، والثاني: وهو الغطاء هو ظلمة الليل
ثم نور النهار.
بل في قوله تعالى:﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ
حَثِيثاً ﴾ (لأعراف: 54)، والتي تصف تعاقب الليل والنهار عقب تمام خلق
السماوات والأرض، حيث جعل الله ظلمة الليل تطلب